قَالَ (وَيَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَقِفُوا بِقُرْبِ الْإِمَامِ) لِأَنَّهُ يَدْعُو وَيُعَلِّمُ فَيَعُوا وَيَسْمَعُوا (وَيَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ وَرَاءَ الْإِمَامِ) لِيَكُونَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَهَذَا بَيَانُ الْأَفْضَلِيَّةِ لِأَنَّ عَرَفَاتٍ كُلَّهَا مَوْقِفٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
قَالَ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَيَجْتَهِدَ فِي الدُّعَاءِ) أَمَّا الِاغْتِسَالُ فَهُوَ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَلَوْ اكْتَفَى بِالْوُضُوءِ جَازَ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَعِنْدَ الْإِحْرَامِ. وَأَمَّا الِاجْتِهَادُ فَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ فِي هَذَا الْمَوْقِفِ لِأُمَّتِهِ فَاسْتُجِيبَ لَهُ إلَّا فِي الدِّمَاءِ وَالْمَظَالِمِ (وَيُلَبِّي فِي مَوْقِفِهِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ) وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ كَمَا يَقِفُ بِعَرَفَةَ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ بِاللِّسَانِ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِالْأَرْكَانِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّدْرِ وَشَتَاتِ الْأَمْرِ وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ. اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا يَلِجُ فِي الْبَحْرِ وَشَرِّ مَا تَهُبُّ بِهِ الرِّيَاحُ» .
وَقَوْلُهُ (إلَّا فِي الدِّمَاءِ وَالْمَظَالِمِ) أَيْ إلَّا فِي حَقِّ الدَّمِ الَّذِي وَجَبَ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ قِصَاصًا وَعَجَزُوا عَنْ اسْتِيفَائِهِ، وَفِي حَقِّ الْمَظْلِمَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَعَجَزُوا عَنْ الِانْتِصَافِ. وَقِيلَ: قَدْ اُسْتُجِيبَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْمُزْدَلِفَةِ وَقَوْلُهُ (وَيُلَبِّي فِي مَوْقِفِهِ) يَعْنِي يَسْتَدِيمُ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَرْمِيَ أَوَّلَ حَصَاةٍ مِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (وَقَالَ مَالِكٌ: يَقْطَعُهَا كَمَا يَقِفُ بِعَرَفَةَ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ إجَابَةٌ بِاللِّسَانِ، وَالْإِجَابَةُ بِاللِّسَانِ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِالْأَرْكَانِ) كَتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ فِي الصَّلَاةِ