يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ) هَكَذَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، لِأَنَّهَا خُطْبَةُ وَعْظٍ وَتَذْكِيرٍ فَأَشْبَهَ خُطْبَةَ الْعِيدِ. وَلَنَا مَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا تَعْلِيمُ الْمَنَاسِكِ وَالْجَمْعِ مِنْهَا. وَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ: إذَا صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ فَجَلَسَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُؤَذِّنُ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ. وَعَنْهُ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ. وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا خَرَجَ وَاسْتَوَى عَلَى نَاقَتِهِ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَيُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخُطْبَةِ لِأَنَّهُ أَوَانُ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ فَأَشْبَهَ الْجُمُعَةَ.

قَالَ (وَيُصَلِّي بِهِمْ الظُّهْرَ الْعَصْرَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ) وَقَدْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ (وَكَذَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) رَوَى جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا زَاغَتْ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ لِلنَّاسِ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ» وَقَوْلُهُ (وَلَنَا مَا رَوَيْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ هَكَذَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إذَا صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ فَجَلَسَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ) مِنْ الْفُسْطَاطِ، فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ خَرَجَ الْإِمَامُ لِأَنَّ هَذَا الْأَذَانَ لِأَدَاءِ الظُّهْرِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ (وَعَنْهُ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ) قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ: وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدِي وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا صَحَّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَا) يَعْنِي ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ (لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَرَجَ وَاسْتَوَى عَلَى نَاقَتِهِ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ) وَوَجْهُ الصِّحَّةِ أَنَّ رِوَايَةَ جَابِرٍ تَقْتَضِي الْأَذَانَ بَعْدَ خُطْبَةٍ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَقْتَضِيهِ قَبْلَهَا فَتَعَارَضَتَا فَصِرْنَا إلَى مَا بَعْدَهُمَا مِنْ الْحُجَّةِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْجُمُعَةِ (وَيُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخُطْبَةِ لِأَنَّهُ أَوَانُ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ فَأَشْبَهَ الْجُمُعَةَ) قَالَ (وَيُصَلِّي بِهِمْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ) أَيْ يُصَلِّي الْإِمَامُ بِالْقَوْمِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ (بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ) أَمَّا نَفْسُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَلِوُرُودِ النَّقْلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015