لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِطَرِيقِ الْكِفَايَةِ، وَلِهَذَا يَأْخُذُ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا إلَّا أَنَّ فِيهِ شُبْهَةَ الصَّدَقَةِ فَلَا يَأْخُذُهَا الْعَامِلُ الْهَاشِمِيُّ تَنْزِيهًا لِقَرَابَةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ شُبْهَةِ الْوَسَخِ، وَالْغَنِيُّ لَا يُوَازِيهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْكَرَامَةِ فَلَمْ تُعْتَبَرْ الشُّبْهَةُ فِي حَقِّهِ.
قَالَ (وَفِي الرِّقَابِ يُعَانُ الْمُكَاتَبُونَ مِنْهَا فِي فَكِّ رِقَابِهِمْ) وَهُوَ الْمَنْقُولُ
(وَالْغَارِمُ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ وَلَا يَمْلِكُ نِصَابًا فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنْ تَحَمَّلَ غَرَامَةً فِي إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَإِطْفَاءِ الثَّائِرَةِ بَيْنَ الْقَبِيلَتَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَسَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ سَقَطَ بِالْإِجْمَاعِ فَلَمْ تَبْقَ الْأَسْهُمُ ثَمَانِيَةً حَتَّى يَكُونَ لَهُ الثَّمَنُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ، وَالسَّاقِطُ سَهْمُ الْكُفَّارِ فَقَطْ فَكَانَتْ الْأَسْهُمُ ثَمَانِيَةً. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ اسْتِحْقَاقًا بِطَرِيقِ الْكِفَايَةِ) أَيْ لَا بِطَرِيقِ الصَّدَقَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ صَاحِبَ الزَّكَاةِ إذَا دَفَعَهَا لِلْإِمَامِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعَامِلُ شَيْئًا وَيَأْخُذُ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَجَازَ أَخْذُهَا لِلْهَاشِمِيِّ. أَجَابَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنَّ فِيهِ شُبْهَةَ الصَّدَقَةِ) نَظَرًا إلَى سُقُوطِ الزَّكَاةِ عَنْ ذِمَّةِ الْمُؤَدِّي (فَلَا يَأْخُذُهَا الْعَامِلُ الْهَاشِمِيُّ تَنْزِيهًا لِقَرَابَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شُبْهَةِ الْوَسَخِ وَالْغِنَى لَا يُوَازِيهِ) أَيْ الْهَاشِمِيُّ (فِي اسْتِحْقَاقِ الْكَرَامَةِ فَلَمْ تُعْتَبَرْ الشُّبْهَةُ فِي حَقِّهِ)
وَقَوْلُهُ (وَهُوَ الْمَنْقُولُ) يَعْنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ رَوَى «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَالَ: فُكَّ الرَّقَبَةَ وَأَعْتِقْ النَّسَمَةَ، قَالَ: أَوَلَيْسَا سَوَاءً يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: فَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي عِتْقِهِ» .
وَقَوْلُهُ (وَلَا يَمْلِكُ نِصَابًا فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ) لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ نِصَابًا كَانَ غَنِيًّا وَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ وَمَا فِي يَدِهِ مُسْتَحَقٌّ بِالدَّيْنِ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ كَانَ فَقِيرًا. وَقَوْلُهُ (فِي إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ)