وَصَارَ كَالْجِزْيَةِ، بِخِلَافِ الْهَدَايَا لِأَنَّ الْقُرْبَةَ فِيهَا إرَاقَةُ الدَّمِ وَهُوَ لَا يُعْقَلُ. وَوَجْهُ الْقُرْبَةِ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ سَدُّ خُلَّةِ الْمُحْتَاجِ وَهُوَ مَعْقُولٌ.

(وَلَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ وَالْحَوَامِلِ وَالْعَلُوفَةِ صَدَقَةٌ) خِلَافًا لِمَالِكٍ. لَهُ ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ. وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ فِي الْحَوَامِلِ وَالْعَوَامِلِ وَلَا فِي الْبَقَرِ الْمُثِيرَةِ صَدَقَةٌ» ، وَلِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمَالُ النَّامِي

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَانَ إذْنًا بِالِاسْتِبْدَالِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ، وَفِي ذَلِكَ إبْطَالُ قَيْدِ الشَّاةِ وَيَحْصُلُ بِهِ الرِّزْقُ الْمَوْعُودُ وَغَيْرُهُ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ الْأَمْرُ بِالْأَدَاءِ إلَى الْفَقِيرِ إيصَالٌ لِلرِّزْقِ الْمَوْعُودِ إلَيْهِ وَإِيصَالُ ذَلِكَ إلَيْهِ إبْطَالٌ لِقَيْدِ الشَّاةِ لِأَنَّ الرِّزْقَ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي أَكْلِ اللَّحْمِ فَكَانَ إذْنًا فِي الِاسْتِبْدَالِ إلَخْ، وَكَانَ هَذَا كَالْجِزْيَةِ فِي أَنَّهَا وَجَبَتْ لِكِفَايَةِ الْمُقَاتِلَةِ، وَيَجُوزُ فِيهَا دَفْعُ الْقِيمَةِ بِالْإِجْمَاعِ، بِخِلَافِ الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا فَإِنَّ الْقُرْبَةَ فِيهَا إرَاقَةُ الدَّمِ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ بَعْدَ الذَّبْحِ قَبْلَ التَّصَدُّقِ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَهِيَ لَيْسَتْ بِمُتَقَوَّمَةٍ وَلَا مَعْقُولَةِ الْمَعْنَى.

قَالَ (وَلَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ وَالْحَوَامِلِ وَالْعَلُوفَةِ صَدَقَةٌ) الْعَلُوفَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مَا يَعْلِفُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَغَيْرِهِ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ سَوَاءٌ، مِنْ عَلَفَ الدَّابَّةَ أَطْعَمَهَا الْعَلَفَ، وَالْعُلُوفَةُ بِالضَّمِّ جَمْعُ عَلَفٍ. قَوْلُهُ (لَهُ ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ) يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وَقَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خُذْ مِنْ الْإِبِلِ إبِلًا، وَفِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ كَثْرَةٌ. وَلَنَا حَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَيْسَ فِي الْإِبِلِ الْحَوَامِلِ صَدَقَةٌ» وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ» وَحَدِيثُ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْمُثِيرَةِ صَدَقَةٌ» وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَجَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمَالُ النَّامِي وَهَذِهِ الْأَمْوَالُ لَيْسَتْ بِنَامِيَةٍ لِأَنَّ دَلِيلَ النَّمَاءِ الْإِسَامَةُ أَوْ الْإِعْدَادُ لِلتِّجَارَةِ وَالْفَرْضُ عَدَمُهُمَا، وَإِذَا انْتَفَى السَّبَبُ انْتَفَى الْحُكْمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015