لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَدَّرَ السَّبَبَ بِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْحَوْلِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُدَّةٍ يَتَحَقَّقُ فِيهَا النَّمَاءُ، وَقَدَّرَهَا الشَّرْعُ بِالْحَوْلِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» وَلِأَنَّهُ الْمُتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْفُصُولِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَالْغَالِبُ تَفَاوُتُ الْأَسْعَارِ فِيهَا فَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ. ثُمَّ قِيلَ: هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى مُطْلَقِ الْأَمْرِ، وَقِيلَ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّ جَمِيعَ الْعُمْرِ وَقْتُ الْأَدَاءِ، وَلِهَذَا لَا تُضْمَنُ بِهَلَاكِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQصَاحِبَ الدَّيْنِ يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مِلْكًا نَاقِصًا وَكَلَامُهُ فِيهِ ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (فَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ) يَعْنِي يَكُونُ الِاعْتِبَارُ بِهِ دُونَ حَقِيقَةِ الِاسْتِنْمَاءِ، حَتَّى إذَا ظَهَرَ النَّمَاءُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ تَجِبُ الزَّكَاةُ.
وَقَوْلُهُ (ثُمَّ قِيلَ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ) وَهُوَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الزَّكَاةِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ: مَنْ أَخَّرَ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَجِّ فَقَالَ: لَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الْحَجِّ وَيَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ فِي الزَّكَاةِ حَقَّ الْفُقَرَاءِ فَيَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ