(وَلَوْ خَطَبَ قَاعِدًا أَوْ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ جَازَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمُخَالَفَتِهِ التَّوَارُثَ وَلِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَالَا: لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ يُسَمَّى خُطْبَةً) ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ هِيَ الْوَاجِبَةُ، وَالتَّسْبِيحَةُ أَوْ التَّحْمِيدَةُ لَا تُسَمَّى خُطْبَةً. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَجُوزُ حَتَّى يَخْطُبَ خُطْبَتَيْنِ اعْتِبَارًا لِلْمُتَعَارَفِ.

وَلَهُ قَوْله تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ. وَعَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ:

ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ إنَّهُ دُعَاءٌ لَهَا وَتُقَامُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ. قِيلَ فِي عِبَارَتِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ غَلَطٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ كَالْأَذَانِ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ فَيُسْتَحَبُّ فِيهَا الطَّهَارَةُ لَا بِقَوْلِهِ وَهِيَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ (وَلَوْ خَطَبَ قَاعِدًا أَوْ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) وَهُوَ الذِّكْرُ وَالْوَعْظُ. وَخَالَفَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا خَطَبَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ. وَالشَّافِعِيُّ وَحْدَهُ إذَا خَطَبَ قَاعِدًا. لَهُمَا فِي الْأَوَّلِ أَنَّ الْخُطْبَةَ بِمَنْزِلَةِ شَطْرِ الصَّلَاةِ لِمَا فِي الْأَثَرِ، وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَعَائِشَةَ قَالَا: إنَّمَا قُصِرَتْ الْجُمُعَةُ لِمَكَانِ الْخُطْبَةِ، فَكَمَا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ فِي الصَّلَاةِ تُشْتَرَطُ فِيهَا. وَلِلشَّافِعِيِّ فِي الثَّانِي أَنَّ الْخُطْبَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّهَا ذِكْرٌ وَالْمُحْدِثُ وَالْجُنُبُ لَا يُمْنَعَانِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ مَا خَلَا الْقُرْآنَ فِي حَقِّ الْجُنُبِ، وَتَأْوِيلُ الْأَثَرِ أَنَّهَا فِي حُكْمِ الثَّوَابِ كَشَرْطِ الصَّلَاةِ لَا فِي شَرَائِطِهَا. وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ جَازَ. وَقَوْلُهُ (لِمُخَالَفَتِهِ التَّوَارُثَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ خَطَبَ قَاعِدًا. وَقَوْلُهُ (لِلْفَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يُعِيدُهَا إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ. وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ تُعَادَ اسْتِحْبَابًا كَإِعَادَةِ أَذَانِهِ.

وَقَوْلُهُ (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَازَ) يَعْنِي إذَا ذَكَرَ اللَّهَ عَلَى قَصْدِ الْخُطْبَةِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَمَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ لِعُطَاسٍ أَوْ تَعَجُّبٍ فَلَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ (وَقَالَا: لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ يُسَمَّى خُطْبَةً) وَهُوَ مِقْدَارُ ثَلَاثِ آيَاتٍ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ، وَقِيلَ مِقْدَارُ التَّشَهُّدِ مِنْ قَوْلِهِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى قَوْلِهِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ (لِأَنَّ الْخُطْبَةَ هِيَ الْوَاجِبَةُ) يَعْنِي بِالْإِجْمَاعِ (وَالتَّسْبِيحَةُ أَوْ التَّحْمِيدَةُ أَوْ التَّهْلِيلَةُ لَا تُسَمَّى خُطْبَةً.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يَخْطُبَ خُطْبَتَيْنِ) تَشْتَمِلُ الْأُولَى عَلَى التَّحْمِيدَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْوَصِيَّةِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَقِرَاءَةِ آيَةٍ، وَكَذَلِكَ الثَّانِيَةُ إلَّا أَنَّ فِيهَا بَدَلَ الْآيَةِ الدُّعَاءَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (اعْتِبَارًا لِلتَّوَارُثِ) فَإِنَّهُ جَرَى هَكَذَا مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُطْبَةُ بِاتِّفَاقِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَدْ أُطْلِقَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015