(وَإِذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي مِصْرِهِ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْمُقَامَ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَصْحَابَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يُسَافِرُونَ وَيَعُودُونَ إلَى أَوْطَانِهِمْ مُقِيمِينَ مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ جَدِيدٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسَافِرٌ حَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى الصَّلَاحِ فَكَانَ قَوْلُهُ هَذَا بَعْدَ ذَلِكَ زِيَادَةَ إعْلَامٍ بِأَنَّهُ مُسَافِرٌ وَإِزَالَةً لِلتُّهْمَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَاقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ قَالَهُ حِينَ صَلَّى بِأَهْلِ مَكَّةَ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَكَانَ أَمْرًا مُسْتَحَبًّا لَا وَاجِبًا.
قَالَ (وَإِذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ مِصْرَهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ) مَعْنَاهُ: إذَا اسْتَكْمَلَ الْمُسَافِرُ بِسَيْرِهِ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ دَخَلَ وَطَنَهُ الْأَصْلِيَّ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ فِيهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُسَافِرُونَ ثُمَّ يَعُودُونَ إلَى أَوْطَانِهِمْ مُقِيمِينَ مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ جَدِيدٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَزْمَ فِعْلُ الْقَلْبِ وَهُوَ أَمْرٌ بَاطِنٌ، وَلَيْسَ لَهُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ يَقُومُ مَقَامَهُ، بَلْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسَافِرِ الْعَائِدِ إلَى وَطَنِهِ أَنْ يَكُونَ فِي عَزْمِهِ الْمَقَامُ فِيهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ عَزْمٌ جَدِيدٌ لِمُدَّةِ الْإِقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُهُ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْمَعْقُولِ أَظْهَرُ وَهُوَ أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِصَيْرُورَةِ الْمُسَافِرِ مُقِيمًا فِي مِصْرِ