وَفِي شَرْعِ الْوَصِيَّةِ ذَلِكَ فَشَرَعْنَاهُ، وَمِثْلُهُ فِي الْإِجَارَةِ بَيَّنَّاهُ، وَقَدْ تَبْقَى الْمَالِكِيَّةُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ كَمَا فِي قَدْرِ التَّجْهِيزِ وَالدَّيْنِ، وَقَدْ نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] وَالسُّنَّةُ وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ فِي آخِرِ أَعْمَارِكُمْ زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتَحْسَنَّاهُ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا، إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ. وَقَوْلُهُ (وَمِثْلُهُ فِي الْإِجَازَةِ بَيَّنَّاهُ) فِي أَنَّهَا عَقْدٌ يَأْبَى الْقِيَاسُ جَوَازَهَا لِكَوْنِهَا مُضَافَةً إلَى زَمَانٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَكَانَ جَوَازُهُ بِالِاسْتِحْسَانِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ. وَقَوْلُهُ (وَقَدْ تَبْقَى الْمِلْكِيَّةُ بَعْدَ الْمَوْتِ) جَوَابٌ عَنْ وَجْهِ الْقِيَاسِ، وَقَوْلُهُ (وَقَدْ نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ) بَيَانٌ لِوَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى نَسْخِ قَوْله تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [البقرة: 180] بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي أُصُولِهِ وَقَرَّرْنَاهُ فِي التَّقْرِيرِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَتَّبَ الْمَوَارِيثَ عَلَى وَصِيَّةٍ نَكِرَةٍ