غَيْرَ فُلَانٍ) لِأَنَّهُ يُرِيدُ إسْقَاطَ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ فَلَا يُقْبَلُ فَيَحْلِفُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالْقَتْلِ عَلَى وَاحِدٍ صَارَ مُسْتَثْنًى عَنْ الْيَمِينِ فَبَقِيَ حُكْمُ مَنْ سِوَاهُ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِ.

قَالَ (وَإِذَا شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ عَلَى رَجُلٍ مِنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ قَتَلَ لَمْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا) وَهَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: تُقْبَلُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا بِعَرْضِيَّةِ أَنْ يَصِيرُوا خُصَمَاءَ وَقَدْ بَطَلَتْ الْعَرَضِيَّةُ بِدَعْوَى الْوَلِيِّ الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِهِمْ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَالْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ إذَا عُزِلَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ. وَلَهُ أَنَّهُمْ خُصَمَاءُ بِإِنْزَالِهِمْ قَاتِلِينَ لِلتَّقْصِيرِ الصَّادِرِ مِنْهُمْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ خَرَجُوا مِنْ جُمْلَةِ الْخُصُومِ كَالْوَصِيِّ إذَا خَرَجَ مِنْ الْوِصَايَةِ بَعْدَمَا قَبِلَهَا ثُمَّ شَهِدَ. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَعَلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ يَتَخَرَّجُ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، قَالَ (وَلَوْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِعَيْنِهِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ مِنْ أَهْلِهَا عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ) لِأَنَّ الْخُصُومَةَ قَائِمَةٌ مَعَ الْكُلِّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَالشَّاهِدُ يَقْطَعُهَا عَنْ نَفْسِهِ فَكَانَ مُتَّهَمًا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الشُّهُودَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي لَا تَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ قَتَلَهُ فُلَانٌ، غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ اسْتَثْنَى عَنْ يَمِينِهِ حَيْثُ قَالَ قَتَلَهُ فُلَانٌ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ شَرِيكَهُ فِي الْقَتْلِ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ شَرِيكًا مَعَهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ مَا قَتَلَهُ وَلَا عَرَفَ لَهُ قَاتِلًا غَيْرَ فُلَانٍ.

قَالَ (وَإِذَا شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ إلَخْ) إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا، وَقَالَا: تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا بِعَرْضِيَّةِ أَنْ يَصِيرُوا خُصَمَاءَ وَقَدْ بَطَلَتْ بِدَعْوَى الْوَلِيِّ الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِهِمْ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَالْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ إذَا عُزِلَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُمْ جُعِلُوا خُصَمَاءَ تَقْدِيرًا لِلتَّقْصِيرِ الصَّادِرِ مِنْهُمْ. وَإِنْ خَرَجُوا مِنْ جُمْلَةِ الْخُصُومِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَالْوَصِيِّ إذَا خَرَجَ مِنْ الْوِصَايَةِ بَعْدَمَا قَبِلَهَا إمَّا بِبُلُوغِ الْغُلَامِ أَوْ بِعَزْلِ الْقَاضِي.

وَقَوْلُهُ (وَعَلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ) يَعْنِي الْأَصْلَيْنِ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِمَا أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ مَنْ انْتَصَبَ خَصْمًا فِي حَادِثَةٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ كَوْنِهِ خَصْمًا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِالْإِجْمَاعِ، كَالْوَكِيلِ إذَا خَاصَمَ ثُمَّ عُزِلَ، وَالثَّانِي إذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ عَرْضِيَّةُ أَنْ يَصِيرَ خَصْمًا ثُمَّ بَطَلَتْ تِلْكَ الْعَرْضِيَّةُ فَشَهِدَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَعَلَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا خُصَمَاءَ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ لِوُجُودِ الْقَتِيلِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَإِنَّهُ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ. قَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أُغَرِّمُكُمْ الدِّيَةَ لِوُجُودِ الْقَتِيلِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، وَبِدَعْوَى الْوَلِيِّ الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ هَذَا السَّبَبَ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنْ خَرَجُوا بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِمْ خُصَمَاءَ وَهُمَا جَعَلَاهُ مِنْ الْأَصْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَكُونُونَ خُصَمَاءَ لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَيْهِمْ؛ فَإِذَا ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِمْ زَالَتْ الْعَرْضِيَّةُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. وَقَوْلُهُ (يَتَخَرَّجُ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ) ، أَمَّا عَلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ فَمَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ إذَا خَاصَمَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ ثُمَّ عُزِلَ كَمَا مَرَّ وَالْوَصِيُّ فِي حُقُوقِ الْيَتِيمِ خَاصَمَ أَوْ لَمْ يُخَاصِمْ كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا عَلَى الْأَصْلِ الثَّانِي فَمَسْأَلَةُ الشَّفِيعَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ وَهُمَا لَا يَطْلُبَانِ الشُّفْعَةَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا بِعَرْضِيَّةِ أَنْ يَصِيرَا خَصْمَيْنِ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ وَقَدْ بَطَلَتْ بِتَرْكِهَا. وَقَوْلُهُ (وَلَوْ ادَّعَى) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ) إشَارَةٌ إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ مَسْأَلَةِ وَإِنْ ادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015