الشُّبْهَةِ، وَالْمُرَادُ بِمَا رَوَى الْحَرْبِيَّ لِسِيَاقِهِ «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» وَالْعَطْفُ لِلْمُغَايَرَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَقْرِيرُهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُطْلَقَ الْكُفْرِ مُبِيحٌ بَلْ الْمُبِيحُ كُفْرُ الْمُحَارِبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] إلَى قَوْلِهِ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] وَقَوْلُهُ وَالْقَتْلُ بِمِثْلِهِ لِدَفْعِ قَوْلِهِ فَيُورِثُ الشُّبْهَةُ: أَيْ قَتْلُ الذِّمِّيِّ بِالذِّمِّيِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُفْرَ الذِّمِّيِّ لَا يُورِثُ الشُّبْهَةَ إذْ لَوْ أَوْرَثَهَا لَمَا جَرَى الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَا يَجْرِي بَيْنَ الْحَرْبِيِّينَ. فَإِنْ قِيلَ: يُورِثُ الشُّبْهَةَ إذَا قَتَلَهُ مُسْلِمٌ. قُلْنَا: فَيَكُونُ قَبْلَ قَتْلِهِ الْمُسْلِمَ مَعْصُومًا كَالْمُسْلِمِ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ. وَقَوْلُهُ (وَالْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ) جَوَابٌ عَمَّا اسْتَدَلُّوا بِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَتَقْرِيرُهُ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْآثَارِ أَنَّ الَّذِي حَكَاهُ أَبُو جُحَيْفَةَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَكُنْ مُفْرَدًا، وَلَوْ كَانَ مُفْرَدًا لَاحْتَمَلَ مَا قَالُوا وَلَكِنْ مَوْصُولًا بِغَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ (لِسِيَاقِهِ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ) وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَطَفَ هَذَا عَلَى الْأَوَّلِ وَالْعَطْفُ لِلْمُغَايَرَةِ فَيَكُونُ كَلَامًا تَامًّا فِي نَفْسِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَدَائِهِ إلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ ذُو عَهْدٍ مُدَّةَ عَهْدِهِ وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بِالْإِجْمَاعِ فَيُقَدَّرُ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافٍ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْله تَعَالَى {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} [البقرة: 285] ثُمَّ الْكَافِرُ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ ذُو عَهْدٍ هُوَ الْحَرْبِيُّ فَيُقَدَّرُ بِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ، وَإِذْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ حَرْبِيٍّ يُقَدَّرُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، وَإِلَّا لَكَانَ ذَلِكَ أَعَمَّ وَالْأَعَمُّ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْأَخَصِّ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، فَمَا فَرَضْنَاهُ دَلِيلًا لَا يَكُونُ دَلِيلًا هَذَا خَلَفٌ بَاطِلٌ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا كَيْفِيَّةُ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْحَرْبِيِّ حَتَّى صَحَّ نَفْيُهُ وَقَتْلُهُمْ وَاجِبٌ؟