وَلَا يُتَيَقَّنُ بِعَدَمِ قَصْدِ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ فَلَا يَتَعَيَّنُ مَدْفَعًا لِلْهَلَاكِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَالْعَمْدُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ حَتَّى يَلْحَقَ بِهِ. وَقَوْلُهُ (وَلَا يُتَيَقَّنُ بِعَدَمِ قَصْدِ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ مِدْفَعًا لِلْهَلَاكِ وَذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَلِيُّ الْمَالَ مِنْ الْقَاتِلِ بِدُونِ رِضَاهُ ثُمَّ يَقْتُلُهُ. قِيلَ هَذَا الْوَهْمُ مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا أَخَذَ الْمَالَ صُلْحًا وَقَدْ جَازَ. أُجِيبَ بِأَنَّ فِي الصُّلْحِ الْمُرَاضَاةَ وَالْقَتْلُ بَعْدَهُ ظَاهِرُ الْعَدَمِ.
وَعُورِضَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ: إنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ» وَبِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ الْقِصَاصَ لِمَعْنَى الِانْتِقَامِ وَتَشَفِّي صُدُورِ الْأَوْلِيَاءِ، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ تُقْتَلُ بِوَاحِدٍ وَالْقِيَاسُ لَا يَقْتَضِيهِ، فَكَانَ لِمَعْنَى النَّظَرِ لِلْوَلِيِّ وَذَلِكَ بِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحَدِيثَ خَبَرُ وَاحِدٍ فَلَا يُعَارِضُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ الْمَشْهُورَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَأَنَّ الْقِصَاصَ لِمَعْنَى النَّظَرِ لِلْوَلِيِّ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ وَهُوَ الِانْتِقَامُ وَتَشَفِّي الصُّدُورِ، فَإِنَّهُ شُرِعَ زَجْرًا عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ إفْنَاءِ قَبِيلَةٍ بِوَاحِدٍ لَا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً عِنْدَ قَتْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، بَلْ الْقَاتِلُ وَأَهْلُهُ لَوْ بَذَلُوا مَا مَلَكُوهُ وَأَمْثَالَهُ مَا رَضِيَ بِهِ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ، فَكَانَ إيجَابُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ الْقَتْلِ الْعَمْدِ تَضْيِيعُ حِكْمَةِ الْقِصَاصِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْقِصَاصُ لَمْ يَجُزْ الْمَصِيرُ إلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ مِثْلُ أَنْ يَعْفُوَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنَّهُ تَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ حِينَئِذٍ، أَوْ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْقِصَاصِ نَاقِصًا بِأَنْ تَكُونَ يَدُ