الْغُرَمَاءِ بِالْإِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ فَأَشْبَهَ الْإِيثَارَ بِالْإِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ (فَإِنْ قَضَى دَيْنَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَرُدُّوهُ جَازَ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِوُصُولِ حَقِّهِمْ إلَيْهِمْ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ غَرِيمٌ آخَرُ جَازَ الرَّهْنُ) اعْتِبَارًا بِالْإِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ (وَبِيعَ فِي دَيْنِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُبَاعُ فِيهِ قَبْلَ الرَّهْنِ فَكَذَا بَعْدَهُ (وَإِذَا ارْتَهَنَ الْوَصِيُّ بِدَيْنٍ لِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ وَهُوَ يَمْلِكُهُ
قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَفِي رَهْنِ الْوَصِيِّ تَفْصِيلَاتٌ نَذْكُرُهَا فِي كِتَابِ الْوَصَايَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ (وَمَنْ رَهَنَ عَصِيرًا بِعَشَرَةٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ صَارَ خَلًّا يُسَاوِي عَشَرَةً فَهُوَ رَهْنٌ بِعَشَرَةٍ) ؛ لِأَنَّ مَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ يَكُونُ مَحَلًّا لِلرَّهْنِ، إذْ الْمَحَلِّيَّةُ بِالْمَالِيَّةِ فِيهِمَا، وَالْخَمْرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ ابْتِدَاءً فَهُوَ مَحَلٌّ لَهُ بَقَاءً حَتَّى إنَّ مَنْ اشْتَرَى عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَبْقَى الْعَقْدُ إلَّا أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِي الْبَيْعِ لِتَغَيُّرِ وَصْفِ الْمَبِيعِ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ)
هَذَا الْفَصْلُ كَالْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ الَّتِي تُذْكَرُ فِي أَوَاخِرِ الْكُتُبِ (وَمَنْ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ صَارَ خَلًّا وَلَمْ يَنْقُصْ مِقْدَارُهُ فَهُوَ رَهْنٌ بِعَشَرَةٍ) وَإِنْ نَقَصَ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْفَائِتَ مُجَرَّدُ وَصْفٍ، وَبِفَوَاتِهِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا يَتَخَيَّرُ الرَّاهِنُ بَيْنَ أَنْ يَفْتَكَّهُ نَاقِصًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَبَيْنَ أَنْ يَضْمَنَ قِيمَتَهُ وَيَجْعَلَهَا رَهْنًا عِنْدَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بَيْنَ أَنْ يَفْتَكَّهُ نَاقِصًا وَبَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهُ بِالدَّيْنِ كَمَا فِي الْقَلْبِ إذَا انْكَسَرَ فَقَوْلُهُ يُسَاوِي عَشَرَةً وَقَعَ اتِّفَاقًا.
وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ مَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ كَالْبَيْعِ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى الْمَحَلِّ فَيُعْتَبَرُ مَحَلُّهُ بِمَحَلِّهِ، وَالْخَمْرُ لَا يَصْلُحُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ ابْتِدَاءً وَيَصْلُحُ بَقَاءً، حَتَّى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَبْطُلْ عَقْدُهُ فَكَذَا فِي الرَّهْنِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَحَلِّ فَالِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ فِيهِ سَوَاءٌ، فَمَا بَالُ هَذَا تَخَلَّفَ عَنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ كَذَلِكَ فِيمَا يَكُونُ الْمَحَلُّ بَاقِيًا، وَهَاهُنَا يَتَبَدَّلُ الْمَحَلُّ حُكْمًا بِتَبَدُّلِ الْوَصْفِ فَلِذَلِكَ تَخَلَّفَ عَنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَصِيرَ الْمَرْهُونَ إذَا تَخَمَّرَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ يَكُونَ الرَّاهِنُ وَحْدَهُ مُسْلِمًا أَوْ بِالْعَكْسِ، فَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ تَخَلَّلَ أَوْ لَمْ يَتَخَلَّلْ، وَفِي الْأَقْسَامِ الْبَاقِيَةِ إنْ تَخَلَّلَ فَكَذَلِكَ، وَإِلَيْهِ يَلُوحُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ صَارَ خَلًّا: