وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «إذَا أَرْسَلْت كَلْبَك الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا تَأْكُلْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ شَارَكَ كَلْبَك كَلْبٌ آخَرُ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّك إنَّمَا سَمَّيْت عَلَى كَلْبِك وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبِ غَيْرِك» وَعَلَى إبَاحَتِهِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ
وَلِأَنَّهُ نَوْعُ اكْتِسَابٍ وَانْتِفَاعٍ بِمَا هُوَ مَخْلُوقٌ لِذَلِكَ، وَفِيهِ اسْتِبْقَاءُ الْمُكَلَّفِ وَتَمْكِينُهُ مِنْ إقَامَةِ التَّكَالِيفِ فَكَانَ مُبَاحًا بِمَنْزِلَةِ الِاحْتِطَابِ
ثُمَّ جُمْلَةُ مَا يَحْوِيهِ الْكِتَابُ فَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا فِي الصَّيْدِ بِالْجَوَارِحِ وَالثَّانِي فِي الِاصْطِيَادِ بِالرَّمْيِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنَّ أَدْنَى مَرْتَبَةِ الْأَمْرِ الْإِبَاحَةُ وقَوْله تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْحِلِّ إذَا زَالَ الْإِحْرَامُ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِمَفْهُومِ الْغَايَةِ وَهُوَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَلَوْ ذَكَرَ مَكَانَهُ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] كَانَ أَنْسَبَ. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَلَمْ يُرْوَ خِلَافٌ لِأَحَدٍ فِي إبَاحَتِهِ فَكَانَ إجْمَاعًا. وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّهُ نَوْعُ اكْتِسَابٍ، وَالِاكْتِسَابُ مُبَاحٌ كَالِاحْتِطَابِ) اسْتِدْلَالٌ بِالْمَعْقُولِ.