. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي الشَّرِيعَةِ: عِبَارَةٌ عَنْ ذَبْحِ حَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ يَوْمُ الْأَضْحَى. وَشَرَائِطُهَا سَتُذْكَرُ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ. وَسَبَبُهَا الْوَقْتُ وَهُوَ أَيَّامُ النَّحْرِ، لِأَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِنِسْبَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ، إذْ الْأَصْلُ فِي إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا، وَكَذَا إذَا لَازَمَهُ فَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِهِ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ.
ثُمَّ إنَّ الْأُضْحِيَّةَ تَكَرَّرَتْ بِتَكَرُّرِ الْوَقْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ أُضِيفَ السَّبَبُ إلَى حُكْمِهِ. يُقَالُ يَوْمُ الْأَضْحَى فَكَانَ كَقَوْلِهِمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ الْعِيدِ، وَلَا نِزَاعَ فِي سَبَبِيَّةِ ذَلِكَ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّةِ الْوَقْتِ امْتِنَاعُ التَّقْدِيمِ عَلَيْهِ كَامْتِنَاعِ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى وَقْتِهَا، لَا يُقَالُ: لَوْ كَانَ الْوَقْتُ سَبَبًا لَوَجَبَ عَلَى الْفَقِيرِ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ، لِأَنَّ الْغِنَى شَرْطُ الْوُجُوبِ وَالْفَرْضَ عَدَمُهُ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ بِالْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُوسِرَ إذَا اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فِي أَوَّلِ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ ثُمَّ أَفَاتَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ، فَلَوْ كَانَتْ بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسَّرَةِ لَكَانَ دَوَامُهَا شَرْطًا كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ حَيْثُ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ وَالْخَارِجِ وَاصْطِلَامُ الزَّرْعِ آفَةٌ. لَا يُقَالُ: أَدْنَى مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ الْمَرْءُ مِنْ إقَامَتِهَا تَمْلِكُ قِيمَةِ مَا يَصْلُحُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَلَمْ تَجِبْ إلَّا بِمِلْكِ النِّصَابِ فَدَلَّ أَنَّ وُجُوبَهَا بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسَّرَةِ، لِأَنَّ اشْتِرَاطَ النِّصَابِ لَا يُنَافِي وُجُوبَهَا بِالْمُمْكِنَةِ كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَهَذَا لِأَنَّهَا وَظِيفَةٌ مَالِيَّةٌ نَظَرًا إلَى شَرْطِهَا وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْغِنَى كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ لَا يُقَالُ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ التَّمْلِيكُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْقُرَبَ الْمَالِيَّةَ قَدْ تَحْصُلُ بِالْإِتْلَافِ كَالْإِعْتَاقِ، وَالْمُضَحِّي إنْ تَصَدَّقَ بِاللَّحْمِ فَقَدْ حَصَلَ النَّوْعَانِ: أَعْنِي التَّمْلِيكَ وَالْإِتْلَافَ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ حَصَلَ الْأَخِيرُ. وَأَمَّا حُكْمُهَا فَالْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ فِي الدُّنْيَا وَالْوُصُولُ إلَى الثَّوَابِ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعُقْبَى