لِمَا رَوَى خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ» وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَهْدَرَ الْمُتْعَةَ وَحَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ»

قَالَ (وَيُكْرَهُ لَحْمُ الْفَرَسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ يَوْمَ خَيْبَرَ» وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8] خَرَجَ مَخْرَجَ الِامْتِنَانِ وَالْأَكْلُ مِنْ أَعْلَى مَنَافِعِهَا، وَالْحَكَمُ لَا يَتْرُكُ الِامْتِنَانَ بِأَعْلَى النِّعَمِ وَيَمْتَنُّ بِأَدْنَاهَا، وَلِأَنَّهُ آلَةُ إرْهَابِ الْعَدُوِّ فَيُكْرَهُ أَكْلُهُ احْتِرَامًا لَهُ وَلِهَذَا يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ فِي الْغَنِيمَةِ، وَلِأَنَّ فِي إبَاحَتِهِ تَقْلِيلَ آلَةِ الْجِهَادِ، وَحَدِيثُ.

جَابِرٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَأَجِدُ نَفْسِي تَعَافُهُ فَلَا أُحِلُّهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «أُكِلَ الضَّبُّ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي الْآكِلِينَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -» أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْحَاظِرَ وَالْمُبِيحَ إذَا تَعَارَضَا يُرَجَّحُ الْحَاظِرُ، عَلَى أَنَّ الْمُبِيحَ مُؤَوَّلٌ بِمَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ.

وَلَا تُؤْكَلُ الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ لِمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ، وَذَهَبَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ إلَى إبَاحَتِهِ، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَشَبُّثًا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ ذَلِكَ فَتَلَتْ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الْآيَةُ، وَبِحَدِيثِ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ يَبْقَ مِنْ مَالِي إلَّا حُمَيْرَاتٌ، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كُلْ مِنْ سَمِينِ مَالِكِ» وَاسْتِدْلَالًا بِحِلِّ أَكْلِ الْوَحْشِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ. أَمَّا الْآيَةُ فَلِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ حُرْمَةِ لَحْمِ الْحُمُرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حُرْمَةُ الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ مَدْلُولِهَا. وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَلِأَنَّهُ مُؤَوَّلٌ بِأَكْلِ ثَمَنِهَا. وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال فَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَكُونَ الْفَرْعُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَالنَّصُّ النَّاهِي عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ قَائِمٌ فَبَطَلَ الْقِيَاسُ

قَالَ (وَيُكْرَهُ لَحْمُ الْفَرَسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَخْ) كَلَامُهُ وَاضِحٌ. وَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْحَكِيمُ لَا يَتْرُكُ الِامْتِنَانَ بِأَعْلَى النِّعَمِ وَيَمْتَنُّ بِأَدْنَاهَا بِأَنَّهُ تَرَكَ ذِكْرَ الْحَمْلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015