وَاللَّحْيَيْنِ» ، وَلِأَنَّهُ مَجْمَعُ الْمَجْرَى وَالْعُرُوقِ فَيَحْصُلُ بِالْفِعْلِ فِيهِ إنْهَارُ الدَّمِ عَلَى أَبْلَغِ الْوُجُوهِ فَكَانَ حُكْمُ الْكُلِّ سَوَاءً.

قَالَ (وَالْعُرُوقُ الَّتِي تُقْطَعُ فِي الذَّكَاةِ أَرْبَعَةٌ: الْحُلْقُومُ، وَالْمَرِيءُ، وَالْوَدَجَانِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْرِ الْأَوْدَاجَ بِمَا شِئْت» .

ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ بَيَانًا لَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْقُدُورِيِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ الْقُدُورِيِّ الذَّبْحَ بَيْنَ الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مَذْبَحٌ غَيْرُهُمَا، فَيُحْمَلُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الذَّكَاةُ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ» وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ الذَّبْحِ فَوْقَ الْحَلْقِ قَبْلَ الْعُقْدَةِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعُقْدَةِ فَهُوَ بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ، وَهُوَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لِلْإِمَامِ الرُّسْتُغْفَنِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حِلِّ مَا بَقِيَ عُقْدَةُ الْحُلْقُومِ مِمَّا يَلِي الصَّدْرَ. وَرِوَايَةُ الْمَبْسُوطِ أَيْضًا تُسَاعِدُهُ، وَلَكِنْ صَرَّحَ فِي ذَبَائِحِ الذَّخِيرَةِ أَنَّ الذَّبْحَ إذَا وَقَعَ أَعْلَى مِنْ الْحُلْقُومِ لَا يَحِلُّ، وَكَذَلِكَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ لِأَنَّهُ ذَبَحَ فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ كَمَا تَرَى، وَلِأَنَّ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ مَجْمَعُ الْعُرُوقِ وَالْمَجْرَى فَيَحْصُلُ بِالْفِعْلِ فِيهِ إنْهَارُ الدَّمِ عَلَى أَبْلَغِ الْوُجُوهِ، وَكَانَ حُكْمُ الْكُلِّ سَوَاءً، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْعُقْدَةِ.

قَالَ (وَالْعُرُوقُ الَّتِي تُقْطَعُ فِي الذَّكَاةِ إلَخْ) الْعُرُوقُ الَّتِي تُقْطَعُ فِي الذَّكَاةِ أَرْبَعَةٌ: الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ، وَالْوَدَجَانِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي اشْتِرَاطِ مَا يُقْطَعُ مِنْهَا لِلْحِلِّ؛ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ: وَذَهَبَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى اشْتِرَاطِ قَطْعِ جَمِيعِهَا، وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى اشْتِرَاطِ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَأَحَدِ الْوَدَجَيْنِ رَجَعَ إلَيْهِ بَعْدَمَا كَانَ قَوْلُهُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ كَمَا نَذْكُرُهُ. وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَيْضًا. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَحْدَهُ. وَذُكِرَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ أَكْثَرَ كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَدْ اكْتَفَى بِقَطْعِ الثَّلَاثِ أَيُّهَا كَانَتْ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَإِنْ قَطَعَ الْجَمِيعُ فَهُوَ أَوْلَى وَهُوَ وَجْهٌ رَابِعٌ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْرِ الْأَوْدَاجَ بِمَا شِئْت» وَالْفَرْيُ: الْقَطْعُ لِلْإِصْلَاحِ، وَالْإِفْرَاءُ: الْقَطْعُ لِلْإِفْسَادِ فَيَكُونُ كَسْرُ الْهَمْزَةِ أَنْسَبَ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ هَذَا لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِفَرْيِهِ. احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّهُ جَمَعَ الْأَوْدَاجَ وَمَا ثَمَّةَ إلَّا الْوَدَجَانِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا مَا يَحْصُلُ بِهِ زُهُوقُ الرُّوحِ وَهُوَ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ، لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يَعِيشُ بَعْدَ قَطْعِهِمَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ لَفْظًا وَمَعْنًى. أَمَّا لَفْظًا فَلِأَنَّ الْأَوْدَاجَ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ أَصْلًا.

وَأَمَّا مَعْنًى فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ إسَالَةُ الدَّمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015