خَارِجَ الْحَرَمِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ (وَذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ حَلَالٌ) لِمَا تَلَوْنَا. وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وَيَحِلُّ إذَا كَانَ يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ وَالذَّبِيحَةَ وَيَضْبِطُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ امْرَأَةً، أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَضْبِطُ وَلَا يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ وَالذَّبِيحَةَ لَا تَحِلُّ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ شَرْطٌ بِالنَّصِّ وَذَلِكَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَمِنْ شَرْطِ الذَّبْحِ أَنْ يَكُونَ الذَّابِحُ صَاحِبَ مِلَّةِ التَّوْحِيدِ، إمَّا اعْتِقَادًا كَالْمُسْلِمِ، أَوْ دَعْوَى كَالْكِتَابِيِّ فَإِنَّهُ يَدَّعِي مِلَّةَ التَّوْحِيدِ، وَإِنَّمَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ وَقْتَ الذَّبْحِ اسْمَ عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: 173] وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا خَارِجَ الْحَرَمِ كَمَا سَيَجِيءُ.

قَالَ (وَذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ حَلَالٌ إلَخْ) ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ حَرْبِيًّا حَلَالٌ إذَا أَتَى بِهِ مَذْبُوحًا، وَأَمَّا إذَا ذَبَحَ بِالْحُضُورِ فَلَا بُدَّ مِنْ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنْ لَا يَذْكُرَ غَيْرَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى (وَقَوْلُهُ لِمَا تَلَوْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْله تَعَالَى {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] وَلَمَّا اسْتَشْعَرَ أَنْ يُقَالَ {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] عَامٌّ مَخْصُوصٌ لِخُرُوجِ الْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالْمَجُوسِيِّ فَلَا يَكُونُ قَاطِعًا فِي الْإِفَادَةِ ضَمَّ إلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: طَعَامُهُمْ ذَبَائِحُهُمْ. وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالذِّكْرِ فَائِدَةٌ، فَإِنَّ الْمَجُوسِيَّ إذَا اصْطَادَ سَمَكَةً حَلَّ أَكْلُهَا: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ التَّخْصِيصَ بِاسْمِ الْعَلَمِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ مَا عَدَاهُ (وَيَحِلُّ إذَا كَانَ الذَّابِحُ يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ) قِيلَ يَعْنِي يَعْقِلُ لَفْظَ التَّسْمِيَةِ، وَقِيلَ يَعْقِلُ أَنَّ حِلَّ الذَّبِيحَةِ بِالتَّسْمِيَةِ (وَالذَّبِيحَةُ) يَعْنِي يَقْدِرُ عَلَى الذَّبْحِ وَيَضْبِطُهُ: أَيْ يَعْلَمُ شَرَائِطَ الذَّبْحِ مِنْ فَرْيِ الْأَوْدَاجِ وَالْحُلْقُومِ (وَإِنْ كَانَ) أَيْ الذَّابِحُ (صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ مَعْتُوهًا، لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا قَصْدَ لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ، لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ شَرْطٌ بِالنَّصِّ وَهِيَ بِالْقَصْدِ، وَصِحَّةُ الْقَصْدِ بِمَا ذَكَرْنَا: يَعْنِي قَوْلَهُ إذَا كَانَ يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ وَالذَّبِيحَةَ وَيَضْبِطُهُ، وَالْأَقْلَفُ وَالْمَخْتُونُ سَوَاءٌ لِمَا ذَكَرْنَا. قِيلَ أَرَادَ الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ عَادَتَهُ فِي مِثْلِهِ لِمَا تَلَوْنَا. وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ لِأَنَّ حِلَّ الذَّبِيحَةِ يَعْتَمِدُ الْمِلَّةَ وَهَذَا لَيْسَ بِمَذْكُورٍ فِي الْكِتَابِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ إشَارَةً إلَى الْآيَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَلِأَنَّ بِهِ يَتَمَيَّزُ الدَّمُ النَّجِسُ مِنْ اللَّحْمِ الطَّاهِرِ وَعَادَتُهُ فِي مِثْلِهِ ذَلِكَ. قِيلَ إنَّمَا ذَكَرَ الْأَقْلَفَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015