حَتَّى لَوْ عَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَصِيبًا مِنْ غَيْرِ إقْرَاعٍ جَازَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقَضَاءِ فَيَمْلِكَ الْإِلْزَامَ. قَالَ (وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ إلَّا بِتَرَاضِيهِمْ لِأَنَّهُ لَا شَرِكَةَ فِي الدَّرَاهِمِ وَالْقِسْمَةُ مِنْ حُقُوقِ الِاشْتِرَاكِ) ، وَلِأَنَّهُ يَفُوتُ بِهِ التَّعْدِيلُ فِي الْقِسْمَةِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَصِلُ إلَى عَيْنِ الْعَقَارِ وَدَرَاهِمُ الْآخَرِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَعَلَّهَا لَا تُسَلَّمُ لَهُ (وَإِذَا كَانَ أَرْضٌ وَبِنَاءٌ؛ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَقْسِمُ كُلَّ ذَلِكَ عَلَى اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُعَادَلَةِ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقْسِمُ الْأَرْضَ بِالْمَسَّاحَةِ لِأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْمَمْسُوحَاتِ، ثُمَّ يَرُدُّ مَنْ وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِ أَوْ مَنْ كَانَ نَصِيبُهُ أَجْوَدَ دَرَاهِمَ عَلَى الْآخَرِ حَتَّى يُسَاوِيَهُ فَتَدْخُلَ الدَّرَاهِمُ فِي الْقِسْمَةِ ضَرُورَةً كَالْأَخِ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الْمَالِ، ثُمَّ يَمْلِكُ تَسْمِيَةَ الصَّدَاقِ ضَرُورَةَ التَّزْوِيجِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى شَرِيكِهِ بِمُقَابَلَةِ الْبِنَاءِ مَا يُسَاوِيهِ مِنْ الْعَرْصَةِ، وَإِذَا بَقِيَ فَضْلٌ وَلَمْ يُمْكِنْ تَحْقِيقُ التَّسْوِيَةِ بِأَنْ كَانَ لَا تَفِي الْعَرْصَةُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فَحِينَئِذٍ يُرَدُّ لِلْفَضْلِ دَرَاهِمُ، لِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي هَذَا الْقَدْرِ فَلَا يُتْرَكُ الْأَصْلُ إلَّا بِهَا.

وَهَذَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ الْأَصْلِ قَالَ (فَإِنْ قَسَمَ بَيْنَهُمْ وَلِأَحَدِهِمْ مَسِيلٌ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ أَوْ طَرِيقٌ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْقِسْمَةِ) ، فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ عَنْهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَطْرِقَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْقِسْمَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِكَوْنِهِ أَحَقَّ بِهَا لِكَوْنِ خَالَتِهَا عِنْدَهُ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ.

قَالَ (وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ إلَخْ) جَمَاعَةٌ فِي أَيْدِيهِمْ عَقَارٌ طَلَبُوا قِسْمَتَهُ وَفِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَصْلٌ، فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَكُونَ عِوَضُ الْفَضْلِ دَرَاهِمَ وَآخَرُ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ لَمْ تَدْخُلْ الدَّرَاهِمُ فِي الْقِسْمَةِ، وَإِنْ تَرَاضَوْا أَدْخَلَهَا لِأَنَّهُ لَا شَرِكَةَ فِي الدَّرَاهِمِ وَالْقِسْمَةُ فِيمَا فِيهِ الشَّرِكَةُ، وَلِأَنَّهُ يَفُوتُ التَّعْدِيلُ الْمُرَادُ بِالْقِسْمَةِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَصِلُ إلَى عَيْنِ الْعَقَارِ وَدَرَاهِمُ الْآخَرِ فِي ذِمَّتِهِ قَدْ لَا يَصِلُ إلَيْهَا، وَلَيْسَ بَيْنَ مَا يَصِلُ إلَيْهِ الرَّجُلُ فِي الْحَالِ وَمَا لَا يَصِلُ مُعَادَلَةً، فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَلِهَذَا ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا إذَا كَانَ أَرْضٌ وَبِنَاءٌ إلَى أَنَّهُ يُقْسَمُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُعَادَلَةِ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّ الْأَرْضَ تُقْسَمُ بِالْمِسَاحَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْمَمْسُوحَاتِ، ثُمَّ يُرَدُّ مَنْ وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِ أَوْ مَنْ كَانَ نَصِيبُهُ أَجْوَدَ دَرَاهِمَ عَلَى الْآخَرِ حَتَّى يُسَاوِيَهُ فَتَدْخُلَ الدَّرَاهِمُ فِي الْقِسْمَةِ ضَرُورَةً كَالْأَخِ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الْمَالِ ثُمَّ يَمْلِكُ تَسْمِيَةَ الصَّدَاقِ ضَرُورَةَ التَّزْوِيجِ. وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى شَرِيكِهِ بِمُقَابَلَةِ الْبِنَاءِ مَا يُسَاوِيهِ مِنْ الْعَرْصَةِ، فَإِنْ لَمْ تَفِ الْعَرْصَةُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فَحِينَئِذٍ يَرُدُّ الْفَضْلَ دَرَاهِمَ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَحَقَّقَتْ فِي هَذَا الْقَدْرِ فَلَا يُتْرَكُ الْأَصْلُ إلَّا لَهَا، وَهَذَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ: يَقْسِمُ الدَّارَ مُذَارَعَةً فَلَا يُجْعَلُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَضْلًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا، كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ قَسَمَ بَيْنَهُمْ) يَعْنِي إنْ قَسَمَ الْقَسَّامُ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا مَسِيلُ الْمَاءِ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ أَوْ طَرِيقٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُمْكِنَ صَرْفُ ذَلِكَ عَنْهُ أَوْ لَا (فَإِنْ أَمْكَنَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَطْرِقَ) وَيَسِيلَ (فِي نَصِيبِ الْآخَرِ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا فِي الْقِسْمَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ (لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْقِسْمَةِ) وَهُوَ الْإِفْرَازُ وَالتَّمْيِيزُ (مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ) بِأَنْ لَا يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَعَلُّقٌ بِنَصِيبِ الْآخَرِ بِصَرْفِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ إلَى غَيْرِهِ فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ الْحُقُوقُ وَإِنْ شُرِطَتْ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015