فَارَقَ الْهَلَاكُ بِنَفْسِهِ.
وَقَوْلُهُمَا يُعْطِي مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِ. أَمَّا عِنْدَ اتِّحَادِهِ فَيَطْرَحُ عَنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْبَاقِي لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الْأَخْذِ مِنْهُ ثُمَّ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ.
وَلَهُ أَنَّ التَّقَوُّمَ حَصَلَ بِصُنْعِ الْغَاصِبِ وَصَنْعَتُهُ مُتَقَوِّمَةٌ لِاسْتِعْمَالِهِ مَالًا مُتَقَوِّمًا فِيهِ، وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ فَكَانَ حَقًّا لَهُ وَالْجِلْدُ تَبَعٌ لَهُ فِي حَقِّ التَّقَوُّمِ، ثُمَّ الْأَصْلُ وَهُوَ الصَّنْعَةُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ فَكَذَا التَّابِعُ، كَمَا إذَا هَلَكَ مِنْ غَيْرِ صَنْعَةٍ، بِخِلَافِ وُجُوبِ الرَّدِّ حَالَ قِيَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْمِلْكَ، وَالْجِلْدُ غَيْرُ تَابِعٍ لِلصَّنْعَةِ فِي حَقِّ الْمِلْكِ لِثُبُوتِهِ قَبْلَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَقَوِّمًا، بِخِلَافِ الذَّكِيِّ وَالثَّوْبِ؛ لِأَنَّ التَّقَوُّمَ فِيهِمَا كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ الدَّبْغِ وَالصَّبْغِ فَلَمْ يَكُنْ تَابِعًا لِلصَّنْعَةِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: قَوْلُهُمَا يُعْطِي مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِ: يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ قَوَّمَ الْجِلْدَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدِّبَاغَ بِالدَّنَانِيرِ، فَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ وَيَأْخُذُ مَا زَادَ الدِّبَاغُ، أَمَّا إذَا قَوَّمَهُمَا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالدَّنَانِيرِ فَيُطْرَحُ عَنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْبَاقِي لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الْأَخْذِ مِنْهُ ثُمَّ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْجِلْدَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُ التَّقَوُّمُ بِصَنْعَةِ الْغَاصِبِ وَصَنْعَتُهُ مُتَقَوِّمَةٌ لِاسْتِعْمَالِهِ مَالًا مُتَقَوِّمًا فِيهِ، وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا زَادَ الدِّبَاغُ، فَكَانَ التَّقَوُّمُ حَقًّا لِلْغَاصِبِ وَكَانَ الْجِلْدُ تَابِعًا لِصَنْعَةِ الْغَاصِبِ فِي حَقِّ التَّقَوُّمِ، ثُمَّ الْأَصْلُ وَهُوَ الصَّنْعَةُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ فَكَذَا التَّابِعُ لِئَلَّا يَلْزَمَ مُخَالَفَةُ التَّبَعِ أَصْلَهُ، كَمَا إذَا هَلَكَ مِنْ غَيْرِ صَنْعَةٍ فَإِنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ هُنَاكَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْأَصْلَ وَهُوَ الصَّنْعَةُ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَكَذَلِكَ الْجِلْدُ، وَإِلَّا فَالْغَصْبُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي الْهَلَاكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّدِّ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمَا وَلِأَنَّهُ وَاجِبُ الرَّدِّ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ وُجُوبَ الرَّدِّ حَالَ قِيَامِهِ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْمِلْكَ، وَالْجِلْدُ غَيْرُ تَابِعٍ لِلصَّنْعَةِ فِي حَقِّ الْمِلْكِ لِثُبُوتِهِ قَبْلَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَقَوِّمًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الضَّمَانَ يَعْتَمِدُ التَّقَوُّمَ وَالْأَصْلُ فِيهِ الصَّنْعَةُ وَهِيَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فَكَذَا مَا يَتْبَعُهَا وَالرَّدُّ يَعْتَمِدُ الْمِلْكَ وَالْجِلْدُ فِيهِ أَصْلٌ لَا تَابِعٌ فَوَجَبَ رَدُّهُ وَتَتْبَعُهُ الصَّنْعَةُ. قَوْلُهُ (بِخِلَافِ الذَّكِيِّ وَالثَّوْبِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمَا كَمَا إذَا غَصَبَ ثَوْبًا وَأَقْحَمَ الذَّكِيَّ اسْتِظْهَارًا