قَالَ (الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَجْرِ ثَلَاثَةٌ: الصِّغَرُ، وَالرِّقُّ، وَالْجُنُونُ، فَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الصَّغِيرِ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَلَا تَصَرُّفُ الْعَبْدِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا تَصَرُّفُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ بِحَالٍ) . أَمَّا الصَّغِيرُ فَلِنُقْصَانِ عَقْلِهِ، غَيْرَ أَنَّ إذْنَ الْوَلِيِّ آيَةُ أَهْلِيَّتِهِ، وَالرِّقُّ لِرِعَايَةِ حَقِّ الْمَوْلَى كَيْ لَا يَتَعَطَّلَ مَنَافِعُ عَبْدِهِ. وَلَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ بِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهِ، غَيْرَ أَنَّ الْمَوْلَى بِالْإِذْنِ رَضِيَ بِفَوَاتِ حَقِّهِ، وَالْجُنُونُ لَا تُجَامِعُهُ الْأَهْلِيَّةُ فَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ بِحَالٍ، أَمَّا الْعَبْدُ فَأَهْلٌ فِي نَفْسِهِ وَالصَّبِيُّ تُرْتَقَبُ أَهْلِيَّتُهُ فَلِهَذَا وَقَعَ الْفَرْقُ. قَالَ (وَمَنْ بَاعَ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا وَهُوَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَيَقْصِدُهُ فَالْوَلِيُّ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ أَجَازَهُ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ) لِأَنَّ التَّوَقُّفَ فِي الْعَبْدِ لِحَقِّ الْمَوْلَى فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ، وَفِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ نَظَرًا لَهُمَا فَيَتَحَرَّى مَصْلَحَتَهُمَا فِيهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَعْقِلَا الْبَيْعَ لِيُوجَدَ رُكْنُ الْعَقْدِ فَيَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ، وَالْمَجْنُونُ قَدْ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَيَقْصِدُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُرَجِّحُ الْمَصْلَحَةَ عَلَى الْمَفْسَدَةِ وَهُوَ الْمَعْتُوهُ الَّذِي يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ كَمَا بَيَّنَّا فِي الْوَكَالَةِ. فَإِنْ قِيلَ: التَّوَقُّفُ عِنْدَكُمْ فِي الْبَيْعِ. أَمَّا الشِّرَاءُ فَالْأَصْلُ فِيهِ النَّفَاذُ عَلَى الْمُبَاشِرِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَنْعُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالرَّقِيقُ وَالْمَجْنُونُ. وَأَسْبَابُهُ مَصَادِرُ هَذِهِ الْأَسَامِي، وَأُلْحِقَ بِهَا الْمُفْتِي الْمَاجِنُ وَالطَّبِيبُ الْجَاهِلُ وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسُ بِالِاتِّفَاقِ. وَلَمَّا كَانَ أَسْبَابُهُ مَا ذَكَرْنَا لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُ الصَّغِيرِ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَلَا تَصَرُّفُ الْعَبْدِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ بِحَالٍ مَا. وَأَمَّا الَّذِي لَا يَكُونُ مَغْلُوبًا وَهُوَ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَيَقْصِدُهُ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ كَتَصَرُّفِ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ كَمَا سَيَجِيءُ. أَمَّا عَدَمُ جَوَازِ تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ فَلِنُقْصَانِ عَقْلِهِ وَأَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ إنَّمَا هِيَ بِالْعَقْلِ لَكِنَّ أَهْلِيَّتَهُ مُتَرَقَّبَةٌ، وَإِذْنُ وَلِيِّهِ آيَةُ أَهْلِيَّتِهِ. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَهُ أَهْلِيَّةٌ لَكِنَّهُ حَجَرَ عَلَيْهِ لِرِعَايَةِ حَقِّ الْمَوْلَى كَيْ لَا تَتَعَطَّلَ عَلَيْهِ مَنَافِعُ عَبْدِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَثْبُتْ الْحَجْرُ لَنَفَذَ الْبَيْعُ الَّذِي بَاشَرَهُ وَشِرَاؤُهُ فَيَلْحَقُهُ دُيُونٌ فَيَأْخُذُ أَرْبَابُهَا أَكْسَابَهُ الَّتِي هِيَ مَنْفَعَةُ الْمَوْلَى وَذَلِكَ تَعْطِيلٌ لَهَا عَنْهُ، وَلِئَلَّا يَمْلِكَ رَقَبَةً يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ، غَيْرَ أَنَّ الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ فَقَدْ رَضِيَ بِفَوَاتِ حَقِّهِ، وَالْجُنُونُ الْغَالِبُ لَا يُجَامِعُهُ أَهْلِيَّةٌ فَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ بِحَالٍ. قَالَ (وَمَنْ بَاعَ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا) أَرَادَ بِهَؤُلَاءِ الصَّبِيَّ وَالْعَبْدَ وَالْمَجْنُونَ الَّذِي يَجِنُّ وَيُفِيقُ، وَتَصَرُّفُهُمْ فِيمَا يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ وَالشِّرَاءَ جَالِبٌ وَيَقْصِدُهُ لِإِفَادَةِ هَذَا الْحُكْمِ: أَعْنِي كَوْنَ الْبَيْعِ سَالِبًا وَالشِّرَاءِ جَالِبًا وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ الْهَازِلِ، فَإِنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ لِإِفَادَةِ هَذَا الْحُكْمِ (وَالْوَلِيُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَهُ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ، لِأَنَّ التَّوَقُّفَ فِي الْعَبْدِ لِحَقِّ الْمَوْلَى فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ وَفِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ نَظَرًا لَهُمَا فَيَتَحَرَّى مَصْلَحَتَهُمَا فِيهِ) وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ، وَأَرَادَ سُؤَالًا عَلَى الشِّرَاءِ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الشِّرَاءِ النَّفَاذُ عَلَى الْمُبَاشِرِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَكَيْفَ يَنْعَقِدُ هَاهُنَا مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ. وَأَجَابَ بِأَنَّ عَدَمَ التَّوَقُّفِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا وُجِدَ عَلَى الْمُبَاشِرِ نَفَاذًا كَمَا فِي شِرَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015