(وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ يَتَصَدَّقُ بِجِنْسِ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِلْكِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ) وَيُرْوَى أَنَّهُ وَالْأَوَّلَ سَوَاءٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْفَرْقَ. وَوَجْهُ الرِّوَايَتَيْنِ فِي مَسَائِلِ الْقَضَاءِ (وَيُقَالُ لَهُ أَمْسِكْ مَا تُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِكَ وَعِيَالِكَ إلَى أَنْ تَكْتَسِبَ، فَإِذَا اكْتَسَبَ مَالًا يَتَصَدَّقُ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَ) وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى غَنِيٍّ بَطَلَ الرُّجُوعُ اسْتِحْسَانًا. وَفِي الْقِيَاسِ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّ الْغَرَضَ ثَمَّةَ حُصُولُ الْعِوَضِ.
وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ قَدْ يُرَادُ بِهَا الثَّوَابُ، وَإِذَا وَهَبَ لِفَقِيرٍ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الثَّوَابُ وَقَدْ حَصَلَ، وَعَنْ هَذَا ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الرُّجُوعِ، كَمَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي حَقِّ الْفَقِيرِ فِي عَدَمِهِ، وَلَكِنَّ الْعَامَّةَ قَالُوا: فِي ذِكْرِهِ لَفْظَ الصَّدَقَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْعِوَضَ، وَالتَّصَدُّقُ عَلَى الْغَنِيِّ لَا يُنَافِي الْقُرْبَةَ
(قَوْلُهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ إلَخْ) ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَعَ وُجُوهِهَا فِي مَسَائِلِ الْقَضَاءِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْإِعَادَةِ هَاهُنَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ تَمْلِيكِ الْأَعْيَانِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ الْهِبَةُ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ وَهُوَ الْإِجَارَةُ، وَقَدَّمَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَنَافِعِ، وَسَنَذْكُرُ مَعْنَى الْإِجَارَةِ لُغَةً وَشَرِيعَةً، وَإِنَّمَا جَمَعَهَا إشَارَةً إلَى أَنَّهَا حَقِيقَةٌ ذَاتُ أَفْرَادٍ، فَإِنَّ لَهَا نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ كَاسْتِئْجَارِ الدُّورِ وَالْأَرَاضِي وَالدَّوَابِّ. وَنَوْعٌ يَرِدُ عَلَى الْعَمَلِ