وَأَمَّا الرَّابِعُ فَلِأَنَّ الْحَمْلَ هُوَ الْإِرْكَابُ حَقِيقَةً فَيَكُونُ عَارِيَّةً لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْهِبَةَ، يُقَالُ حَمَلَ الْأَمِيرُ فُلَانًا عَلَى فَرَسٍ وَيُرَادُ بِهِ التَّمْلِيكُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ نِيَّتِهِ.
(وَلَوْ قَالَ كَسَوْتُك هَذَا الثَّوْبَ يَكُونُ هِبَةً) ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ التَّمْلِيكُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: 89] وَيُقَالُ كَسَا الْأَمِيرُ فُلَانًا ثَوْبًا: أَيْ مَلَّكَهُ مِنْهُ (وَلَوْ قَالَ مَنَحْتُك هَذِهِ الْجَارِيَةَ كَانَتْ عَارِيَّةً) لِمَا رَوَيْنَا مِنْ قَبْلُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَرْفَ اللَّامِ لِلتَّمْلِيكِ، وَقَوْلُهُ (فَلِأَنَّ الْحَمْلَ هُوَ الْإِرْكَابُ حَقِيقَةً) يَعْنِي أَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَنَافِعِ (فَيَكُونُ عَارِيَّةً) إلَّا أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَرَدْت الْهِبَةَ، لِأَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يُذْكَرُ لِلتَّمْلِيكِ، فَإِذَا نَوَى مُحْتَمَلَ لَفْظِهِ فِيمَا فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَيْهِ عَمِلَتْ نِيَّتُهُ. لَا يُقَالُ: هَذَا يُنَاقِضُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُمَا لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ، وَعِنْدَ عَدَمِ إرَادَتِهِ الْهِبَةَ يُحْمَلُ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ مَجَازًا لِمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ هُنَالِكَ أَنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّهُمَا لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ: يَعْنِي فِي الْعُرْفِ فَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَنَافِعِ مَجَازٌ عُرْفِيٌّ فَيَكُونُ قَوْلُهُ هَاهُنَا لِأَنَّ الْحَمْلَ هُوَ الْإِرْكَابُ حَقِيقَةً: يَعْنِي فِي اللُّغَةِ، فَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ
(وَلَوْ قَالَ مَنَحْتُك هَذِهِ الْجَارِيَةَ كَانَتْ عَارِيَّةً لِمَا رَوَيْنَا مِنْ قَبْلُ) يَعْنِي مَا تَقَدَّمَ