قَالَ (الصُّلْحُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: صُلْحٌ مَعَ إقْرَارٍ، وَصُلْحٌ مَعَ سُكُوتٍ، وَهُوَ أَنْ لَا يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْكِرَ وَصُلْحٌ مَعَ إنْكَارٍ وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ) لِإِطْلَاقٍ قَوْله تَعَالَى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -:

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الصُّلْحُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ) الْحَصْرُ عَلَى هَذِهِ الْأَنْوَاعِ ضَرُورِيٌّ، لِأَنَّ الْخَصْمَ وَقْتَ الدَّعْوَى إمَّا أَنْ يَسْكُتَ أَوْ يَتَكَلَّمَ مُجِيبًا وَهُوَ لَا يَخْلُو عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ.

لَا يُقَالُ: قَدْ يَتَكَلَّمُ بِمَا لَا يَتَّصِلُ بِمَحَلِّ النِّزَاعِ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِقَوْلِنَا مُجِيبًا وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] فَإِنَّهُ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُهَا، فَإِنْ مُنِعَ الْإِطْلَاقُ لِوُقُوعِهِ فِي سِيَاقِ صُلْحِ الزَّوْجَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] فَكَانَ لِلْعَهْدِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَبِأَنَّهُ ذُكِرَ لِلتَّعْلِيلِ: أَيْ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصَالِحَا لِأَنَّ الصُّلْحَ خَيْرٌ فَكَانَ عَامًّا، وَلِأَنَّهُ وَقَعَ قَوْله تَعَالَى أَنْ يُصَالِحَا فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَكَانَ مُسْتَقْبَلًا، وقَوْله تَعَالَى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] كَانَ فِي الْحَالِ فَلَمْ يَكُنْ إيَّاهُ بَلْ جِنْسَهُ.

فَإِنْ قِيلَ: سَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ صَرْفَهُ إلَى الْكُلِّ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ الصُّلْحَ بَعْدَ الْيَمِينِ وَصُلْحَ الْمُودَعِ وَصُلْحَ مَنْ ادَّعَى قَذْفًا عَلَى آخَرَ وَصُلْحُ مَنْ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا فَأَنْكَرَتْ لَا يَجُوزُ فَيُصْرَفُ إلَى الْأَدْنَى وَهُوَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ.

أُجِيبَ بِأَنَّ تَرْكَ الْعَمَلِ بِالْإِطْلَاقِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لِمَانِعٍ لَا يَسْتَلْزِمُ تَرْكَهُ عِنْدَ عَدَمِهِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015