مَجْهُولًا كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ مَعْلُومًا) اعْلَمْ أَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ، وَأَنَّهُ مُلْزِمٌ لِوُقُوعِهِ دَلَالَةً؛ أَلَا تَرَى كَيْفَ أَلْزَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاعِزًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الرَّجْمَ بِإِقْرَارِهِ وَتِلْكَ الْمَرْأَةَ بِاعْتِرَافِهَا. وَهُوَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ لِقُصُورِ وِلَايَةِ الْمُقِرِّ عَنْ غَيْرِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ.
وَشَرْطُ الْحُرِّيَّةِ لِيَصِحَّ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا، فَإِنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُلْحَقًا بِالْحُرِّ فِي حَقِّ الْإِقْرَارِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِغَيْرِهِ وَهُوَ الْوَدِيعَةُ.
قَالَ (وَإِذَا أَقَرَّ الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ) الْإِقْرَارُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرَارِ فَكَانَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ إثْبَاتِ مَا كَانَ مُتَزَلْزِلًا.
وَفِي الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِخْبَارِ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ، وَشُرُوطُهُ سَتُذْكَرُ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ مُلْزِمٌ عَلَى الْمُقِرِّ مَا أَقَرَّ بِهِ لِوُقُوعِهِ دَلَالَةً عَلَى الْمُخْبِرِ بِهِ، فَإِنَّ الْمَالَ مَحْبُوبٌ بِالطَّبْعِ فَلَا يُقِرُّ لِغَيْرِهِ كَاذِبًا، وَقَدْ اعْتَضَدَ هَذَا الْمَعْقُولُ بِقَبُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِقْرَارَ وَالْإِلْزَامَ بِهِ فِي بَابِ الْحُدُودِ «فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَجَمَ مَاعِزًا بِإِقْرَارِهِ وَالْغَامِدِيَّةَ بِاعْتِرَافِهَا» فَإِنَّهُ إذَا كَانَ مُلْزِمًا فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ فَلَأَنْ يَكُونَ مُلْزِمًا فِي غَيْرِهِ أَوْلَى، وَهُوَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ، أَمَّا حُجَّتُهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُلْزِمٌ وَغَيْرُ الْحُجَّةِ غَيْرُ مُلْزِمٍ،