الْمُصَلِّي فَرْضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَيْسَ بِفَرْضٍ عِنْدَهُمَا، فَاعْتِرَاضُ هَذِهِ الْعَوَارِضِ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَاعْتِرَاضِهَا فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَعِنْدَهُمَا كَاعْتِرَاضِهَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ. لَهُمَا مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلَهُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَدَاءُ صَلَاةٍ أُخْرَى إلَّا بِالْخُرُوجِ مِنْ هَذِهِ.
وَمَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْفَرْضِ إلَّا بِهِ يَكُونُ فَرْضًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ، فَإِنَّ فَسَادَهَا بِالْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَيْسَ لِذَلِكَ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ قَدْ يُوجَدُ مَعْصِيَةً بِأَنْ قَهْقَهَ أَوْ كَذَبَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمَعْصِيَةُ فَرْضًا بَلْ الْخُرُوجُ بِفِعْلِ الْمُصَلِّي لَيْسَ بِفَرْضٍ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنَّمَا عِنْدَهُ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُغَيِّرَةٌ لِلصَّلَاةِ، وَوُجُودُ الْمُغَيِّرِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ كَوُجُودِهِ قَبْلَهُ لِمَا أَنَّهُ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَلِهَذَا إذَا نَوَى الْمُسَافِرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْإِقَامَةَ أَتَمَّ، وَالْمَعْنَى بِالْمُغَيِّرِ مَا تَجِبُ الصَّلَاةُ بَعْدَ وُجُودِهِ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ الْوَاجِبَةِ هِيَ عَلَيْهَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ وَانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ وَوِجْدَانِ الثَّوْبِ وَتَعَلُّمِ السُّورَةِ بِالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَاللُّبْسِ وَالْقِرَاءَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ وَاجِبَةً بِطَهَارَةِ التَّيَمُّمِ وَالْمَسْحِ وَالْعُرْيِ وَعَدَمِ الْقِرَاءَةِ. وَقِيلَ الْمَعْنِيُّ بِهِ كَوْنُ الصَّلَاةِ جَائِزَةً لِلِاجْتِمَاعِ بِهِ وَبِضِدِّهِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ بِالتَّيَمُّمِ وَالْمَسْحِ وَالْإِيمَاءِ وَأَضْدَادِهَا.
وَقَوْلُهُ: (لَهُمَا مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ) يُرِيدُ بِهِ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قُلْت هَذَا أَوْ فَعَلْت هَذَا» الْحَدِيثَ، عَلَّقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّمَامَ بِأَحَدِهِمَا، فَمَنْ عَلَّقَ بِثَالِثٍ فَقَدْ خَالَفَ النَّصَّ (وَلَهُ أَنَّ أَدَاءَ صَلَاةٍ أُخْرَى فِي وَقْتِهَا وَاجِبٌ لَا مَحَالَةَ، وَهُوَ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْخُرُوجِ مِنْ هَذِهِ) فَكَانَ الْخُرُوجُ مِنْهَا وَسِيلَةً إلَى الْفَرْضِ بِاقْتِضَاءِ قَوْله تَعَالَى {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام: 72] (وَمَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى أَدَاءِ الْفَرْضِ إلَّا بِهِ كَانَ فَرْضًا) وَهَذِهِ النُّكْتَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيِّ.
وَاعْتُرِضَ بِوَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ حَاذَتْ رَجُلًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَمَّتْ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا صُنْعَ مِنْهُ. وَالثَّانِي أَنَّهُ عَلَى مَا قَرَّرْتُمْ يَكُونُ فَرْضًا لِغَيْرِهِ كَالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ فَيَجِبُ أَنْ تَتِمَّ صَلَاتُهُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الصُّنْعِ وَهُوَ الْخُرُوجُ مِنْ الْأُولَى، كَمَا لَوْ دَخَلَ الْجَامِعَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُحَاذَاةَ مُفَاعَلَةٌ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا مِنْ فَاعِلَيْنِ فَكَانَ مِنْهُ صُنْعٌ أَدْنَاهُ اللُّبْثُ فِي مَكَانِهِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ الْأُولَى يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهٍ تَبْقَى صَحِيحَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَلِأَنَّ التَّرْتِيبَ فَرْضٌ وَلَمْ تَبْقَ بِهَذَا الْخُرُوجِ صَحِيحَةً.
لَا يُقَالُ: إنَّمَا لَمْ