(إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً فَيَقُولَ: ابْتَعْ لِي مَا رَأَيْت) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى رَأْيِهِ، فَأَيُّ شَيْءٍ يَشْتَرِيهِ يَكُونُ مُمْتَثِلًا. وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ تَتَحَمَّلُ فِي الْوَكَالَةِ كَجَهَالَةِ الْوَصْفِ اسْتِحْسَانًا،

ـــــــــــــــــــــــــــــQيَشْتَرِي يَكُونُ مُمْتَثِلًا وَيَقَعُ عَنْ الْآمِرِ (وَالْأَصْلُ أَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ مُتَحَمَّلَةٌ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ يَأْبَاهُ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مُعْتَبَرٌ بِنَفْسِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِأَنْ يُجْعَلَ الْوَكِيلُ كَالْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ ثُمَّ كَالْبَائِعِ مِنْ الْمُوَكِّلِ، وَفِي ذَلِكَ الْجَهَالَةُ تَمْنَعُ الصِّحَّةَ فَكَذَلِكَ فِيمَا اعْتَبَرَ بِهِ.

وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا ذَكَرَهُ (لِأَنَّ مَبْنَى التَّوْكِيلِ عَلَى التَّوْسِعَةِ لِأَنَّهُ اسْتِعَانَةٌ وَفِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْجَهَالَةِ الْيَسِيرَةِ حَرَجٌ) فَلَوْ اعْتَبَرْنَاهُ لَكَانَ مَا فَرَضْنَاهُ تَوْسِعَةً ضَيِّقًا وَحَرَجًا، وَذَلِكَ خَلَفٌ بَاطِلٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْجَهَالَةِ الْيَسِيرَةِ وَغَيْرِهَا لِيَتَمَيَّزَ مَا يُفْسِدُ الْوَكَالَةَ عَمَّا لَا يُفْسِدُهَا فَنَقُولُ: إذَا بَيَّنَ الْمُوَكَّلَ بِهِ بِجِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَوَصْفِهِ فَذَاكَ مَعْلُومٌ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ بِهِ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ تَرَكَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَذَكَرَ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَى أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ فَذَاكَ مَجْهُولٌ لَمْ تَصِحَّ الْوَكَالَةُ بِهِ لَا مَحَالَةَ.

وَإِنْ بَيَّنَ الْجِنْسَ بِأَنْ ذَكَرَ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَى أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَإِنْ ضَمَّ إلَى ذِكْرِهِ بَيَانَ النَّوْعِ أَوْ الثَّمَنِ جَازَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ بَيَّنَ النَّوْعَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْوَصْفَ كَالْجَوْدَةِ وَغَيْرِهَا فَكَذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لِآخَرَ اشْتَرِ لِي ثَوْبًا أَوْ دَابَّةً أَوْ دَارًا فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ بَيْنَ الثَّمَنِ أَوْ لَا لِلْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ، فَإِنَّ الدَّابَّةَ فِي الْحَقِيقَةِ اسْمٌ لِمَا يَدِبُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. وَفِي الْعُرْفِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فَقَدْ جَمَعَ أَجْنَاسًا كَثِيرَةً، وَكَذَا الثَّوْبُ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمَلْبُوسَ مِنْ الْأَطْلَسِ إلَى الْكِسَاءِ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ مَهْرًا، وَكَذَا الدَّارُ تَشْتَمِلُ عَلَى مَا هُوَ فِي مَعْنَى الْأَجْنَاسِ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا فَاحِشًا بِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَالْجِيرَانِ وَالْمَرَافِقِ وَالْمَحَالِّ وَالْبُلْدَانِ فَيَتَعَذَّرُ الِامْتِثَالُ، لِأَنَّ بِذَلِكَ الثَّمَنِ يُوجَدُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَلَا يَدْرِي مُرَادَ الْآمِرِ لِتَفَاحُشِ الْجَهَالَةِ، وَإِلَّا إذَا وَصَفَهَا فَإِنَّهَا جَازَتْ لِارْتِفَاعِ تَفَاحُشِهَا بِذِكْرِ الْوَصْفِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015