وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا لَا يَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ السَّبَبِ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ فَيَتَلَاشَى فَلَا يُتَصَوَّرُ صُدُورُهُ مِنْ شَخْصٍ وَثُبُوتُ حُكْمِهِ لِغَيْرِهِ فَكَانَ سَفِيرًا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَخَوَاتِهِ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُطَالَبُ وَكِيلُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ وَلَا وَكِيلُ الْمَرْأَةِ بِتَسْلِيمِهَا لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهَا سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ مَحْضٌ لِعَدَمِ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ. فَإِنَّهُ إنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ كَانَ النِّكَاحُ لَهُ فَكَانَ كَالرَّسُولِ وَعِبَارَتُهُ عِبَارَةُ الْمُرْسِلِ فَكَأَنَّ الْعَقْدَ صَدَرَ مِنْهُ، وَمَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْعَقْدُ رَجَعَ إلَيْهِ الْحُقُوقُ كَمَا فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيمَا لَا يَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ السَّبَبِ، لِأَنَّهُ) يَعْنِي أَنَّ السَّبَبَ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ إسْقَاطٌ فَيَتَلَاشَى، وَمَعْنَى الْإِسْقَاطِ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ ظَاهِرٌ.
وَأَمَّا فِيهِ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مَحَلِّ النِّكَاحِ عَدَمُ وُرُودِ الْمِلْكِ عَلَيْهِنَّ لِكَوْنِهِنَّ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَالذُّكُورِ، إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَثْبَتَ نَوْعَ مِلْكٍ عَلَى الْحُرَّةِ بِالنِّكَاحِ ضَرُورَةَ النَّسْلِ وَفِي ذَلِكَ إسْقَاطٌ لِمَالِكِيَّتِهَا فَيَتَلَاشَى فَلَا يُتَصَوَّرُ صُدُورُهُ مِنْ شَخْصٍ وَثُبُوتُ حُكْمِهِ لِغَيْرِهِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ الْكَلَامُ فِي نَقْلِ الْحُكْمِ بَلْ هُوَ فِي نَقْلِ الْحُقُوقِ فَمَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا لَا يَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ السَّبَبِ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّا قَدْ قُلْنَا فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ إنَّ الْحُكْمَ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ أَوْ يَثْبُتُ لَهُ خِلَافَةً، اعْتِبَارًا لِلتَّوْكِيلِ السَّابِقِ وَتَبْقَى الْحُقُوقُ مُتَعَلِّقَةً بِالْوَكِيلِ اعْتِبَارًا لِعِبَارَتِهِ، وَهَاهُنَا الْحُكْمُ لَا يَنْفَصِلُ عَنْ الْعِبَارَةِ لَا بِالتَّأْخِيرِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَلَا بِغَيْرِهِ لِكَوْنِهَا لِلْإِسْقَاطِ، فَأَمَّا أَنْ يَبْقَى الْحُكْمُ لِلْوَكِيلِ أَوْ تَنْتَقِلَ الْعِبَارَةُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ التَّوْكِيلَ وَيُنَافِي الْإِضَافَةَ إلَى الْمُوَكِّلِ فَتَعَيَّنَ الثَّانِي، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَكَانَ سَفِيرًا وَلِلَّهِ دَرُّهُ عَلَى فَضْلِهِ وَتَنَبُّهِهِ لِلَطَائِفِ الْعِبَارَاتِ، جَزَاهُ اللَّهُ عَنْ الطَّلَبَةِ خَيْرًا.
قَالَ (وَالضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَخَوَاتِهِ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ أَخَوَاتِ الضَّرْبِ الثَّانِي