ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْوَكَالَةِ]
عَقَّبَ الشَّهَادَاتِ بِالْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَمَّا خُلِقَ مَدَنِيًّا بِالطَّبْعِ يَحْتَاجُ فِي مَعَاشِهِ إلَى تَعَاضُدٍ وَتَعَاوُضٍ، وَالشَّهَادَاتُ مِنْ التَّعَاضُدِ وَالْوَكَالَةُ مِنْهُ، وَقَدْ يَكُونُ فِيهَا التَّعَاوُضُ أَيْضًا فَصَارَتْ كَالْمُرَكَّبِ مِنْ الْمُفْرَدِ فَأُوثِرَ تَأْخِيرُهَا. وَالْوِكَالَةُ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا اسْمُ التَّوْكِيلِ مِنْ وَكَّلَهُ بِكَذَا إذَا فَوَّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ، وَالْوَكِيلُ هُوَ الْقَائِمُ بِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ كَأَنَّهُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ لِأَنَّهُ مَوْكُولٌ إلَيْهِ الْأَمْرُ: أَيْ مُفَوَّضٌ إلَيْهِ. وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ إقَامَةِ الْإِنْسَانِ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ. وَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ بِالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: 19] وَلَمْ يَلْحَقْهُ النَّكِيرُ. وَالسُّنَّةِ وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَكَّلَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ بِشِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ» وَبِالْإِجْمَاعِ. فَإِنَّ الْأُمَّةَ قَدْ أَجْمَعَتْ عَلَى جَوَازِهَا مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى يَوْمِنَا هَذَا. وَسَبَبُهَا تَعَلُّقُ الْبَقَاءِ الْمَقْدُورِ بِتَعَاطِيهَا. وَرُكْنُهَا لَفْظُ وَكَّلْت وَأَشْبَاهُهُ. رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ أَحْبَبْت أَنْ تَبِيعَ