وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ أَغْلَظُ وُجُوهُ الْفِسْقِ. وَلَنَا أَنَّهُ فِسْقٌ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِقَادُ وَمَا أَوْقَعَهُ فِيهِ إلَّا تَدَيُّنُهُ بِهِ وَصَارَ كَمَنْ يَشْرَبُ الْمُثَلَّثَ أَوْ يَأْكُلُ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا مُسْتَبِيحًا لِذَلِكَ، بِخِلَافِ الْفِسْقِ مِنْ حَيْثُ التَّعَاطِي.
أَمَّا الْخَطَّابِيَّةُ فَهُمْ مِنْ غُلَاةِ الرَّوَافِضِ يَعْتَقِدُونَ الشَّهَادَةَ لِكُلِّ مَنْ حَلَفَ عِنْدَهُمْ. وَقِيلَ يَرَوْنَ الشَّهَادَةَ لِشِيعَتِهِمْ وَاجِبَةً فَتَمَكَّنَتْ التُّهْمَةُ فِي شَهَادَتِهِمْ.
قَالَ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ) وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَظُ وُجُوهِ الْفِسْقِ) إذْ الْفِسْقُ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِقَادُ شَرٌّ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ التَّعَاطِي (وَلَنَا أَنَّهُ فِسْقٌ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِقَادُ) وَمَا هُوَ كَذَلِكَ فَهُوَ تَدَيُّنٌ لَا تَرْكُ تَدَيُّنٍ، وَالْمَانِعُ مِنْ الْقَبُولِ تَرْكُ مَا يَكُونُ دِينًا فَصَارَ كَحَنَفِيٍّ شَرِبَ الْمُثَلَّثَ أَوْ شَافِعِيٍّ أَكَلَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا مُعْتَقِدًا إبَاحَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ بِهِ مَرْدُودَ الشَّهَادَةِ. وَالْخَطَّابِيَّةُ قِيلَ هُمْ غُلَاةٌ مِنْ الرَّوَافِضِ يُنْسَبُونَ إلَى أَبِي الْخَطَّابِ رَجُلٍ كَانَ بِالْكُوفَةِ قَتَلَهُ عِيسَى بْنُ مُوسَى وَصَلَبَهُ بِالْكَنَائِسِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ عَلِيًّا الْإِلَهُ الْأَكْبَرُ وَجَعْفَرًا الصَّادِقَ الْإِلَهُ الْأَصْغَرُ. وَقِيلَ هُمْ قَوْمٌ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ مَنْ ادَّعَى مِنْهُمْ شَيْئًا عَلَى غَيْرِهِ يَجِبُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بَقِيَّةُ شِيعَتِهِ بِذَلِكَ، وَقِيلَ لِكُلِّ مَنْ حَلَفَ عِنْدَهُمْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَافِرُونَ إنْ كَانُوا كَمَا قِيلَ أَوَّلًا، وَلِتَمَكُّنِ التُّهْمَةِ فِي شَهَادَتِهِمْ إنْ كَانُوا كَمَا قِيلَ ثَانِيًا أَوْ ثَالِثًا.
قَالَ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ إلَخْ) شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ مَقْبُولَةٌ عِنْدَنَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ كَالْيَهُودِيِّ مَعَ النَّصْرَانِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: إنْ اتَّفَقَتْ مِلَلُهُمْ قُبِلَتْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا شَهَادَةَ لِأَهْلِ مِلَّةٍ عَلَى أَهْلِ مِلَّةٍ أُخْرَى إلَّا الْمُسْلِمِينَ فَشَهَادَتُهُمْ مَقْبُولَةٌ عَلَى أَهْلِ الْمِلَلِ كُلِّهَا» وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مُخَالِفُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73]