(وَلَا الْمَحْدُودِ فِي قَذْفٍ وَإِنْ تَابَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] وَلِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ لِكَوْنِهِ مَانِعًا فَيَبْقَى بَعْدَ التَّوْبَةِ كَأَصْلِهِ، بِخِلَافِ الْمَحْدُودِ فِي غَيْرِ الْقَذْفِ لِأَنَّ الرَّدَّ لِلْفِسْقِ وَقَدْ ارْتَفَعَ بِالتَّوْبَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا الْمَحْدُودِ فِي قَذْفٍ وَإِنْ تَابَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الْأَبَدِ وَهُوَ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَالتَّنْصِيصُ عَلَيْهِ يُنَافِي الْقَبُولَ فِي وَقْتٍ مَا، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَهُمْ: أَيْ لِلْمَحْدُودِينَ فِي الْقَذْفِ وَبِالتَّوْبَةِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ؛ وَلِأَنَّهُ يَعْنِي رَدَّ الشَّهَادَةِ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ لِكَوْنِهِ مَانِعًا عَنْ الْقَذْفِ كَالْجَلْدِ وَالْحَدِّ وَهُوَ الْأَصْلُ يَبْقَى بَعْدَ التَّوْبَةِ لِعَدَمِ سُقُوطِهِ بِهَا فَكَذَا تَتِمَّتُهُ اعْتِبَارًا لَهُ بِالْأَصْلِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَحْدُودِ فِي غَيْرِ الْقَذْفِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ فَاسِقٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] وَالْفَاسِقُ إذَا تَابَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْمَحْدُودِ فِي غَيْرِ الْقَذْفِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ إنْ كَانَ لِلْفِسْقِ زَالَ بِزَوَالِهِ بِالتَّوْبَةِ فَقُبِلَتْ كَالْمَحْدُودِ فِي غَيْرِ الْقَذْفِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَالْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ فَإِنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَيْسَ لِلْفِسْقِ إذْ الْحُكْمُ الثَّابِتُ لَهُ التَّوَقُّفُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] لَا النَّهْيُ عَنْ الْقَبُولِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إذَا تَابَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: 5] اسْتَثْنَى التَّائِبَ وَالِاسْتِثْنَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى الْجَمِيعِ فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ: وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا إلَّا الَّذِينَ تَابُوا.

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إلَى مَا يَلِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] وَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015