شَهَادَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِلْزَامِ حَتَّى اخْتَصَّ بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ (قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَقْتَصِرُ الْحَاكِمُ عَلَى ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ فِي الْمُسْلِمِ وَلَا يَسْأَلُ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ حَتَّى يَطْعَنَ الْخَصْمُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، إلَّا مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ» وَمِثْلُ ذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ الِانْزِجَارُ عَمَّا هُوَ مُحَرَّمٌ دِينُهُ، وَبِالظَّاهِرِ كِفَايَةٌ إذْ لَا وُصُولَ إلَى الْقَطْعِ.
(إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ عَنْ الشُّهُودِ) لِأَنَّهُ يَحْتَالُ لِإِسْقَاطِهَا فَيُشْتَرَطُ الِاسْتِقْصَاءُ فِيهَا، وَلِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِيهَا دَارِئَةٌ، وَإِنْ طَعَنَ الْخَصْمُ فِيهِمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُدَّعِي الشُّهُودَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَطْعَنَ الْخَصْمُ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَقْتَصِرُ الْحَاكِمُ عَلَى ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ فِي الْمُسْلِمِ وَلَا يَسْأَلُ عَنْ الشُّهُودِ حَتَّى يَطْعَنَ الْخَصْمُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إلَّا مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ» وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ الِانْزِجَارُ عَمَّا هُوَ مُحَرَّمٌ فِي دِينِهِ وَبِالظَّاهِرِ كِفَايَةٌ. فَإِنْ قِيلَ: الظَّاهِرُ يَكْفِي لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَهَاهُنَا يَثْبُتُ لِلْمُدَّعِي اسْتِحْقَاقُ الْمُدَّعَى بِهِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ. فَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إذْ لَا وُصُولَ إلَى الْقَطْعِ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْتَفِ بِالظَّاهِرِ لَاحْتِيجَ إلَى التَّزْكِيَةِ وَقَبُولُ قَوْلِ الْمُزَكِّي فِي التَّعْدِيلِ أَيْضًا عَمَلٌ بِالظَّاهِرِ لِمَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُزَكِّي صِدْقٌ فَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْأَوَّلِ وَهَلُمَّ جَرًّا، وَيَدُورُ أَوْ يَتَسَلْسَلُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: بِالظَّاهِرِ هَاهُنَا اُعْتُبِرَ لِلرَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِنْكَارَ الْخَصْمِ تَعَارَضَا، وَشَهَادَةُ الشُّهُودِ وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ كَذَلِكَ، وَبِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ انْدَفَعَ مُعَارَضَةُ الذِّمَّةِ فَكَانَ دَافِعًا.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَسْأَلُ عَنْ الشُّهُودِ حَتَّى يَطْعَنَ الْخَصْمُ، إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ عَنْ الشُّهُودِ لِأَنَّهُ يَحْتَالُ لِإِسْقَاطِهَا فَيُشْتَرَطُ الِاسْتِقْصَاءُ فِيهَا؛ وَلِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِيهَا دَارِئَةٌ فَيَسْأَلُ عَنْهَا