قَالَ (وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ الْعَدَالَةِ وَلَفْظَةِ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الشَّاهِدُ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ وَقَالَ أَعْلَمُ أَوْ أَتَيَقَّنُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ) أَمَّا الْعَدَالَةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَلِأَنَّ الْعَدَالَةَ هِيَ الْمُعِينَةُ لِلصِّدْقِ، لِأَنَّ مَنْ يَتَعَاطَى غَيْرَ الْكَذِبِ قَدْ يَتَعَاطَاهُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْفَاسِقَ إذَا كَانَ وَجِيهًا فِي النَّاسِ ذَا مُرُوءَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَأْجَرُ لِوَجَاهَتِهِ وَيَمْتَنِعُ عَنْ الْكَذِبِ لِمُرُوءَتِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّحْلِيفِ، وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ. فَإِذَا قُلْت: إنَّهَا ثَيِّبٌ ثَبَتَ الْعَيْبُ فِي الْحَالِ وَعُمِلَ بِالْحَدِيثِ ثُمَّ يَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا ذَلِكَ الْعَيْبُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَتْ فِي يَدِهِ.

وَأَمَّا شَهَادَتُهُنَّ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ فَفِي حَقِّ الْإِرْثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - غَيْرُ مَقْبُولَةٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِهْلَالَ صَوْتُ الصَّبِيِّ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَهُوَ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ فَلَا تَكُونُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ حُجَّةً لَكِنَّهَا فِي حَقِّ الصَّلَاةِ مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَشَهَادَتُهُنَّ فِيهَا حُجَّةٌ كَشَهَادَتِهِنَّ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ. وَعِنْدَهُمَا فِي حَقِّ الْإِرْثِ أَيْضًا مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّهُ صَوْتٌ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَالرِّجَالُ لَا يَحْضُرُهَا عَادَةً فَصَارَ كَشَهَادَتِهِنَّ عَلَى نَفْسِ الْوِلَادَةِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ إمْكَانُ الِاطِّلَاعِ وَلَا شَكَّ فِي ذَلِكَ فَلَا مُعْتَبَرَ بِشَهَادَتِهِنَّ، وَنَفْسُ الْوِلَادَةِ هُوَ انْفِصَالُ الْوَلَدِ عَنْ الْأُمِّ وَذَلِكَ لَا يُشَارِكُ الرِّجَالُ فِيهِ النِّسَاءَ.

(قَالَ وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ الْعَدَالَةِ إلَخْ) لَا بُدَّ فِي الْمَالِ وَغَيْرِهِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ الْعَدَالَةُ وَهِيَ كَوْنُ حَسَنَاتِ الرَّجُلِ أَكْثَرَ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الِاجْتِنَابَ عَنْ الْكَبَائِرِ وَتَرْكَ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ (وَلَفْظُهُ الشَّهَادَةَ) حَتَّى لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ عِنْدَ الشَّهَادَةِ أَعْلَمُ أَوْ أَتَيَقَّنُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ (أَمَّا اشْتِرَاطُ) الْعَدَالَةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَالْفَاسِقُ لَا يَكُونُ مَرَضِيًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] (وَلِأَنَّ) الشَّهَادَةَ حُجَّةٌ بِاعْتِبَارِ الصِّدْقِ وَ (الْعَدَالَةُ هِيَ الْمُعَيِّنَةُ لِلصِّدْقِ) فَهِيَ عِلَّةُ الْحُجِّيَّةِ وَمَا سِوَاهَا مُعَدَّاتٌ (؛ لِأَنَّ مَنْ يَتَعَاطَى غَيْرَ الْكَذِبِ) مِنْ مَحْظُورَاتِ دِينِهِ (فَقَدْ يَتَعَاطَاهُ أَيْضًا.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْفَاسِقَ إذَا كَانَ وَجِيهًا) أَيْ ذَا قَدْرٍ وَشَرَفٍ (فِي النَّاسِ ذَا مُرُوءَةٍ) أَيْ إنْسَانِيَّةٍ وَالْهَمْزَةُ وَتَشْدِيدُ الْوَاوِ فِيهَا لُغَتَانِ (تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَأْجَرُ لِوَجَاهَتِهِ وَيَمْتَنِعُ عَنْ الْكَذِبِ لِمُرُوءَتِهِ، (وَالْأَوَّلُ) يَعْنِي عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ مُطْلَقًا وَجِيهًا ذَا مُرُوءَةٍ كَانَ أَوْ لَا (أَصَحُّ) ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُمَا إكْرَامٌ لِلْفَاسِقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015