(وَلَا تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ) لِمَا ذَكَرْنَا.
(قَالَ: وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْحُقُوقِ يُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ مَالًا أَوْ غَيْرَ مَالٍ مِثْلُ النِّكَاحِ) وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْعِدَّةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْوَقْفِ وَالصُّلْحِ (وَالْوَكَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ) وَالْهِبَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْوَلَدِ وَالْوِلَادِ وَالنَّسَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَتَوَابِعِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا عَدَمُ الْقَبُولِ لِنُقْصَانِ الْعَقْلِ وَاخْتِلَالِ الضَّبْطِ وَقُصُورِ الْوِلَايَةِ فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلْإِمَارَةِ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ فِي الْحُدُودِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَرْبَعِ مِنْهُنَّ وَحْدَهُنَّ إلَّا أَنَّهَا قُبِلَتْ فِي الْأَمْوَالِ ضَرُورَةً، وَالنِّكَاحُ أَعْظَمُ خَطَرًا وَأَقَلُّ وُقُوعًا فَلَا يَلْحَقُ بِمَا هُوَ أَدْنَى خَطَرًا وَأَكْثَرُ وُجُودًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالزِّنَا خَرَجَ بِمَا تَلَوْنَا فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى تَنَاوُلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَمَّا يُقَالُ، فَالْآيَةُ هَذِهِ عُقِّبَتْ بِقَوْلِهِ {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] وَلَيْسَتْ شَهَادَتُهُنَّ فِيهَا مَقْبُولَةً.
وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقِرَانَ فِي النَّظْمِ لَا يُوجِبُ الْقِرَانَ فِي الْحُكْمِ، وَلَئِنْ أَوْجَبَ فَعَدَمُ قَبُولِهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَشُبْهَةِ الْبَدَلِيَّةِ فِي شَهَادَتِهِنَّ.
فَإِنْ قُلْت: مَا مَسْلَكُ الْحَدِيثِ مِنْ الْآيَةِ هَاهُنَا أَتَخْصِيصٌ أَمْ نَسْخٌ. قُلْت: مَسْلَكُهُ مِنْهَا مَسْلَكُ آيَةِ شَهَادَةِ الزِّنَا مِنْ هَذِهِ، وَهُوَ إمَّا التَّخْصِيصُ إنْ ثَبَتَتْ الْمُقَارَنَةُ أَوْ النَّسْخُ. وَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ: مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخَلِيفَتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى تَلْقِيَةِ الصَّدْرِ الْأَوَّلُ بِالْقَبُولِ فَكَانَ مَشْهُورًا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ بِهِ.
قَالَ (وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْحُقُوقِ إلَخْ) وَمَا سِوَى الْمَرْتَبَتَيْنِ مِنْ بَقِيَّةِ الْحُقُوقِ (مَالًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَكَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ) أَيْ الْوِصَايَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي تَعْدَادِ غَيْرِ الْمَالِ (وَنَحْوِ ذَلِكَ) يَعْنِي الْعَتَاقَ تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بِمَا تَلَوْنَا (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَتَوَابِعِهَا) كَالْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْأَجَلِ وَشَرْطِ الْخِيَارِ. وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي شَهَادَتِهِنَّ عَدَمُ الْقَبُولِ لِنُقْصَانِ الْعَقْلِ وَاخْتِلَالِ الضَّبْطِ وَقُصُورِ الْوِلَايَةِ فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلْإِمَارَةِ (وَلِهَذَا) أَيْ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبُولِ (لَا تُقْبَلُ فِي الْحُدُودِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَرْبَعِ مِنْهُنَّ وَحْدَهُنَّ إلَّا أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ فِي الْأَمْوَالِ ضَرُورَةَ إحْيَاءِ حُقُوقِ الْعِبَادِ) لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا وَدُنُوِّ