قَالَ (وَإِذَا عُزِلَ الْقَاضِي فَقَالَ لِرَجُلٍ أَخَذْتُ مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْتهَا إلَى فُلَانٍ قَضَيْتُ بِمَا عَلَيْك فَقَالَ الرَّجُلُ أَخَذْتَهَا ظُلْمًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاضِي، وَكَذَا لَوْ قَالَ قَضَيْت بِقَطْعِ يَدِك فِي حَقٍّ، هَذَا إذَا كَانَ الَّذِي قُطِعَتْ يَدُهُ وَاَلَّذِي أُخِذَ مِنْهُ الْمَالُ مُقِرَّيْنِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ قَاضٍ) وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا لَمَّا تَوَافَقَا أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ فِي قَضَائِهِ كَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْضًا، إلَّا أَنَّهُمْ تَرَكُوهَا فِيهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ.
وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ أَخْبَرَ عَمَّا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ يَتَمَكَّنُ مِنْ إنْشَاءِ الْقَضَاءِ، وَمَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْإِنْشَاءِ عَمَّا أَخْبَرَ بِهِ لَمْ يُتَّهَمْ فِي خَبَرِهِ، وَفِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ أَوْ بِدُونِهَا. وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ، وَالْأَوَّلُ يَجُرُّ إلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ مُعَايَنَةِ الْحُجَّةِ، وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ مِنْ أُولِي الْأَمْرِ وَطَاعَةُ أُولِي الْأَمْرِ وَاجِبَةٌ وَفِي تَصْدِيقِهِ طَاعَتُهُ فَيَجِبُ تَصْدِيقُهُ، وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْسَارٍ، وَقَالُوا بِهِ إذَا كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا فَقِيهًا، وَعَلَى هَذَا تَتَأَتَّى الْأَقْسَامُ الْعَقْلِيَّةُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا عَالِمًا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِعَدَمِ تُهْمَةِ الْخَطَإِ لِعِلْمِهِ وَالْخِيَانَةِ لِعَدَالَتِهِ، وَهَذَا الْقِسْمُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِفْسَارِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا جَاهِلًا يَسْتَفْسِرُ عَنْ قَضَائِهِ لِبَقَاءِ تُهْمَةِ الْخَطَأِ، فَإِنْ أَحْسَنَ تَفْسِيرَ الْقَضَاءِ بِأَنْ فَسَّرَ عَلَى وَجْهٍ اقْتَضَاهُ الشَّرْعُ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ مَثَلًا اسْتَفْسَرْت الْمُقِرَّ بِالزِّنَا كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِيهِ وَحَكَمْت عَلَيْهِ بِالرَّجْمِ وَثَبَتَ عِنْدِي بِالْحُجَّةِ أَنَّهُ أَخَذَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَأَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا بِلَا شُبْهَةٍ وَجَبَ تَصْدِيقُهُ وَقَبُولُ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَظُنُّ بِسَبَبِ جَهْلِهِ غَيْرَ الدَّلِيلِ دَلِيلًا أَوْ الشُّبْهَةَ غَيْرَ دَارِئَةٍ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَاسِقًا أَوْ عَالِمًا فَاسِقًا لَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يُعَايِنَ سَبَبَ الْحُكْمِ لِتُهْمَةِ الْخَطَإِ فِي الْجَهْلِ وَالْخِيَانَةِ فِي الْفِسْقِ.
قَالَ (وَإِذَا عُزِلَ الْقَاضِي فَقَالَ لِرَجُلٍ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَا يُخْبِرُ بِهِ الْقَاضِي مِنْ قَضَائِهِ فِي زَمَنِ وِلَايَتِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ بَعْدَ عَزْلِهِ، فَإِذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَزْلِ بِمَا قَضَى وَأَسْنَدَ إلَى حَالِ وِلَايَتِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيمَا قَالَ فَلَا كَلَامَ فِيهِ أَوْ يُكَذِّبَهُ فِي حَقِيقَتِهِ