ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]
لَمَّا كَانَ الْحَبْسُ مِنْ أَحْكَامِ الْقَضَاءِ وَتَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ أَفْرَدَهُ فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ وَهُوَ مَشْرُوعٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَبْسُ، وَبِالسُّنَّةِ وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَبَسَ رَجُلًا بِالتُّهْمَةِ» خَلَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - سِجْنٌ، وَكَانَ يُحْبَسُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الدِّهْلِيزِ حَيْثُ أَمْكَنَ، وَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحْدَثَ السِّجْنَ بَنَاهُ مِنْ قَصَبٍ وَسَمَّاهُ نَافِعًا فَنَقَبَهُ اللُّصُوصُ فَبَنَى سِجْنًا مِنْ مَدَرٍ فَسَمَّاهُ مَخِيسًا؛ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ نُصِّبَ لِإِيصَالِ الْحُقُوقِ إلَى مُسْتَحِقِّيهَا فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَطْلُوبُ مِنْ أَدَاءِ حَقِّ الطَّالِبِ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي بُدٌّ مِنْ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْأَدَاءِ، وَلَا خِلَافَ أَنْ لَا جَبْرَ بِالضَّرْبِ