فَأَمَّا تَقْلِيدُ الْجَاهِلِ فَصَحِيحٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهُوَ يَقُولُ: إنَّ الْأَمْرَ بِالْقَضَاءِ يَسْتَدْعِي الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ وَلَا قُدْرَةَ دُونَ الْعِلْمِ. وَلَنَا أَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْضِيَ بِفَتْوَى غَيْرِهِ، وَمَقْصُودُ الْقَضَاءِ يَحْصُلُ بِهِ وَهُوَ إيصَالُ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَسَأَلَ فَقِيهًا أَخَذَ بِقَوْلِهِ.

(قَوْلُهُ: فَأَمَّا تَقْلِيدُ الْجَاهِلِ فَصَحِيحٌ عِنْدَنَا) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْجَاهِلِ الْمُقَلَّدَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمُجْتَهِدِ وَسَمَّاهُ جَاهِلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُجْتَهِدِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِسِيَاقِ الْكَلَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَا يَحْفَظُ شَيْئًا مِنْ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِسِيَاقِ الْكَلَامِ وَهُوَ قَوْلُهُ: (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) فَإِنَّهُ عَلَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إنَّ الْأَمْرَ بِالْقَضَاءِ يَسْتَدْعِي الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ وَلَا قُدْرَةَ دُونَ الْعِلْمِ) وَلَمْ يَقُلْ دُونَ الِاجْتِهَادِ وَشَبَهِهِ بِالتَّحَرِّي، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَصِلُ إلَى الْمَقْصُودِ لِتَحَرِّي غَيْرِهِ بِالِاتِّفَاقِ، فَلَوْ صَلَّى بِتَحَرِّي غَيْرِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ.

وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ (وَلَنَا أَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْضِيَ بِفَتْوَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَضَاءِ هُوَ أَنْ يَصِلَ الْحَقُّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ) وَذَلِكَ كَمَا يَحْصُلُ بِاجْتِهَادِ نَفْسِهِ يَحْصُلُ مِنْ الْمُقَلِّدِ إذَا قَضَى بِفَتْوَى غَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «أَنْفَذَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْيَمَنِ وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ، فَقُلْت: تُنْفِذُنِي إلَى قَوْمٍ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَحْدَاثٌ وَلَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ؟ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيَهْدِي لِسَانَك وَيُثَبِّتُ قَلْبَك، فَمَا شَكَكْت فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015