وَلِهَذَا كَانَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْعِلَّةُ هِيَ الطَّعْمُ وَلَا مُخَلِّصَ وَهُوَ الْمُسَاوَاةُ فَيَحْرُمُ، وَمَا دُونَ نِصْفِ الصَّاعِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْحَفْنَةِ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِي الشَّرْعِ بِمَا دُونَهُ، وَلَوْ تَبَايَعَا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا غَيْرَ مَطْعُومٍ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا كَالْجِصِّ وَالْحَدِيدِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا لِوُجُودِ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ.
وَعِنْدَهُ يَجُوزُ لِعَدَمِ الطَّعْمِ وَالثَّمَنِيَّةِ.
قَالَ (وَإِذَا عُدِمَ الْوَصْفَانِ الْجِنْسُ وَالْمَعْنَى الْمَضْمُومُ إلَيْهِ حَلَّ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ) لِعَدَمِ الْعِلَّةِ الْمُحَرِّمَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِبَاحَةُ.
وَإِذَا وُجِدَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ جَوَازُ بَيْعِ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ وَالتُّفَّاحَةِ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ؛؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ بِتَحَقُّقِ الْفَضْلِ وَتَحَقُّقُ الْفَضْلِ يَظْهَرُ بِعَدَمِ وُجُودِ الْمُسَاوَاةِ وَالْمُسَاوَاةُ بِالْكَيْلِ، وَلَا كَيْلَ فِي الْحَفْنَةِ وَالْحَفْنَتَيْنِ فَتَنْتَفِي الْمُمَاثَلَةُ فَيَنْتَفِي تَحَقُّقُ الْفَضْلِ، وَاسْتَوْضَحَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَلِهَذَا) أَيْ وَلِأَنَّ الْحَفْنَةَ وَالْحَفْنَتَيْنِ لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْمِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ وَلِهَذَا (كَانَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ) لَا مِثْلِهَا، فَلَوْ بَقِيَتْ مَكِيلَةً أَوْ مَوْزُونَةً لَوَجَبَ مِثْلُهَا فَإِنَّ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ كُلَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ دُونَ الْقِيَمِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْحُرْمَةِ وَهُوَ الطَّعْمُ وَقَدْ وُجِدَتْ وَالْمُخَلِّصُ الْمُسَاوَاةُ وَلَمْ تُوجَدْ، وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ حَفْنَةٍ بِحَفْنَةٍ وَتُفَّاحَةٍ بِتُفَّاحَةٍ لِوُجُودِ الطَّعْمِ وَعَدَمِ الْمُسَوِّي، وَمَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْحَفْنَةِ؛ فَلَوْ بَاعَ خَمْسَ حَفَنَاتٍ مِنْ الْحِنْطَةِ بِسِتِّ حَفَنَاتٍ مِنْهَا وَهُمَا لَمْ يَبْلُغَا حَدَّ نِصْفِ الصَّاعِ جَازَ الْبَيْعُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِي الشَّرْعِ بِمَا دُونَهُ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ بَلَغَ حَدَّ نِصْفِ الصَّاعِ وَالْآخَرُ لَمْ يَبْلُغْهُ فَلَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا (إذَا تَبَايَعَا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا غَيْرَ مَطْعُومٍ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا كَالْجِصِّ وَالْحَدِيدِ) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا لِوُجُودِ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ، وَعِنْدَهُ يَجُوزُ لِعَدَمِ الطَّعْمِ وَالثَّمَنِيَّةِ.
قَالَ: (فَإِذَا عَدِمَ الْوَصْفَانِ) إذَا ثَبَتَ أَنَّ عِلَّةَ الْحُرْمَةِ شَيْئَانِ، فَإِمَّا أَنْ يُوجَدَا أَوْ يَعْدَمَا أَوْ يُوجَدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَالْأَوَّلُ مَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي يَظْهَرُ عِنْدَهُ حِلُّ التَّفَاضُلِ وَالنَّسَاءِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ الْمُحَرِّمَةِ، وَتَحْقِيقُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِبَاحَةُ) يَعْنِي إذَا كَانَتْ أَصْلًا وَقَدْ تُرِكَتْ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الْقَدْرُ، وَالْجِنْسُ يَظْهَرُ عِنْدَ عَدَمِهِمَا لَا أَنَّ الْعَدَمَ