لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْجَوَازِ، وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْغَبِيَّ الَّذِي لَا يَهْتَدِي فِي التِّجَارَةِ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَعْتَمِدَ فِعْلَ الذَّكِيِّ الْمُهْتَدِي وَتَطِيبُ نَفْسُهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى وَبِزِيَادَةِ رِبْحٍ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهِمَا، وَلِهَذَا كَانَ مَبْنَاهُمَا عَلَى الْأَمَانَةِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ الْخِيَانَةِ وَعَنْ شُبْهَتِهَا، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ الْهِجْرَةَ ابْتَاعَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعِيرَيْنِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَلِّنِي أَحَدَهُمَا، فَقَالَ: هُوَ لَك بِغَيْرِ شَيْءٍ، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: أَمَّا بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَلَا» .
قَالَ (وَلَا تَصِحُّ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ حَتَّى يَكُونَ الْعِوَضُ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ لَوْ مَلَكَهُ مَلَكَهُ بِالْقِيمَةِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ (وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَهُ مُرَابَحَةً مِمَّنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ الْبَدَلَ وَقَدْ بَاعَهُ بِرِبْحِ دِرْهَمٍ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ مَوْصُوفٍ جَازَ) لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ (وَإِنْ بَاعَهُ بِرِبْحٍ الإل يازده لَا يَجُوزُ) لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِرَأْسِ الْمَالِ وَبِبَعْضِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْكَارٍ وَلِمِسَاسِ الْحَاجَةِ، لِأَنَّ الْغَبِيَّ الَّذِي لَا يَهْتَدِي فِي التِّجَارَةِ وَالصِّفَةُ كَاشِفَةٌ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى فِعْلِ الذَّكِيِّ الْمُهْتَدِي وَتَطِيبُ نَفْسُهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ وَبِزِيَادَةِ رِبْحٍ، وَقَدْ صَحَّتْ التَّوْلِيَةُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهِمَا لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ (وَلِهَذَا) أَيْ لِلِاحْتِيَاجِ إلَى الِاعْتِمَادِ كَانَ مَبْنَى الْمَبِيعَيْنِ: أَيْ بِنَاؤُهُمَا عَلَى الْأَمَانَةِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ الْخِيَانَةِ وَشَبَهِهَا، وَأَكَّدَ بِقَوْلِهِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ الْخِيَانَةِ وَأَصَابَ لِاقْتِضَاءِ الْمَقَامِ ذَلِكَ، وَعَنْ هَذَا لَمْ تَصِحَّ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ لِأَنَّ الْمُعَادَلَةَ وَالْمُمَاثَلَةَ فِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ إنَّمَا تُعْرَفُ بِالْحَزْرِ وَالظَّنِّ فَكَانَ فِيهِ شُبْهَةُ عَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ بِشُبْهَةِ الْخِيَانَةِ كَمَا لَمْ تَجُزْ الْمُجَازَفَةُ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ لِذَلِكَ، وَكُلُّ مَا حَرُمَ حَرُمَ مَا يُشْبِهُهُ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مِمَّا يُحْتَاطُ فِيهِ.
قَالَ (وَلَا تَصِحُّ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ حَتَّى يَكُونَ الْعِوَضُ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ إلَخْ) لَا تَصِحُّ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ فِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ لِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا أَنَّ مَبْنَاهُمَا عَلَى الِاحْتِرَازِ عَنْ