وَلَهُمَا أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحِلِّهِ، وَإِنَّمَا الْكَرَاهَةُ لِمَعْنًى مُجَاوِرٍ فَشَابَهُ كَرَاهَةَ الِاسْتِيَامِ (وَإِنْ كَانَا كَبِيرَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَرَّقَ بَيْنَ مَارِيَةَ وَسِيرِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقْتَ النِّدَاءِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لَا فَاسِدٌ كَالِاسْتِيَامِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِ الْإِقَالَةِ أَوْ بَيْعِ الْآخَرِ مِمَّنْ بَاعَ مِنْهُ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَا كَبِيرَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مُرَادَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ الْإِلْحَاقُ بِدَلَالَةِ النَّصِّ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ بَيْنَ مَارِيَةَ وَسِيرِينَ وَكَانَتَا أَمَتَيْنِ أُخْتَيْنِ» رُوِيَ «أَنَّ أَمِيرَ الْقِبْطِ أَهْدَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَارِيَتَيْنِ أُخْتَيْنِ وَبَغْلَةً، فَكَانَ يَرْكَبُ الْبَغْلَةَ بِالْمَدِينَةِ وَاِتَّخَذَ إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ سُرِّيَّةً فَوَلَدَتْ لَهُ إبْرَاهِيمَ وَهِيَ مَارِيَةُ، وَوَهَبَ الْأُخْرَى لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَكَانَ اسْمُهَا سِيرِينَ» بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ الِاسْتِيعَابِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُسْلِمًا حُرًّا