قَالَ (وَإِذَا صَحَّ الْوَقْفُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَلَا تَمْلِيكُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشَاعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَطْلُبُ الشَّرِيكُ الْقِسْمَةَ فَيَصِحُّ مُقَاسَمَتُهُ) أَمَّا امْتِنَاعُ التَّمْلِيكِ فَلِمَا بَيَّنَّا.
وَأَمَّا جَوَازُ الْقِسْمَةِ فَلِأَنَّهَا تَمْيِيزٌ وَإِفْرَازٌ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْغَالِبَ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ، إلَّا أَنَّ فِي الْوَقْفِ جَعَلْنَا الْغَالِبَ مَعْنَى الْإِفْرَازِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ فَلَمْ تَكُنْ بَيْعًا وَتَمْلِيكًا؛ ثُمَّ إنْ وَقَفَ نَصِيبَهُ مِنْ عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ فَهُوَ الَّذِي يُقَاسِمُ شَرِيكَهُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْوَاقِفِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ إلَى وَصِيَّةٍ، وَإِنْ وَقَفَ نِصْفَ عَقَارٍ خَالِصٍ لَهُ فَاَلَّذِي يُقَاسِمُهُ الْقَاضِي أَوْ يَبِيعُ نَصِيبَهُ الْبَاقِي مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ يُقَاسِمُهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَشْتَرِي ذَلِكَ مِنْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّعَامُلَ اعْتِمَادًا عَلَى شُهْرَةِ كَوْنِ التَّعَامُلِ أَقْوَى مِنْ الْقِيَاسِ فَجَازَ أَنْ يُتْرَكَ بِهِ.
قَالَ (وَإِذَا صَحَّ الْوَقْفُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ) أَيْ إذَا لَزِمَ الْوَقْفُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَلَا تَمْلِيكُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُشَاعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَطْلُبَ الشَّرِيكُ الْقِسْمَةَ فَتَصِحَّ مُقَاسَمَتُهُ، فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُشَاعًا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَوْ مُتَّصِلٌ، لِأَنَّ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فِي قِسْمَةِ الْعَقَارِ رَاجِحٌ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ بَيْعٌ اتِّسَاعًا، أَمَّا امْتِنَاعُ التَّمْلِيكِ فَلِمَا بَيَّنَّا: يَعْنِي مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَصَدَّقْ بِأَصْلِهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ» وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إلَخْ.
وَقَوْلُهُ (وَأَمَّا جَوَازُ الْقِسْمَةِ) فَظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (فَهُوَ الَّذِي يُقَاسِمُ) أَيْ الْوَاقِفُ هُوَ الَّذِي يُقَاسِمُ شَرِيكَهُ لَا الْقَاضِي.
وَقَوْلُهُ (خَالِصٌ) صِفَةُ عَقَارٍ: أَيْ لَوْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ مِائَةُ ذِرَاعٍ وَهُوَ خَالِصٌ لَهُ لَا شَرِكَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ فَوَقَفَ مِنْهُ خَمْسِينَ ذِرَاعًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَاسِمُ هَاهُنَا غَيْرَ الْوَاقِفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْوَاحِدُ مُطَالَبًا وَمُطَالِبًا، فَإِنَّ مُقَاسِمَ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ الْوَقْفُ مُطَالَبٌ مِنْ مَالِكِ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ وَقْفٍ وَمَالِكُ النِّصْفِ مُطَالَبٌ وَهُوَ الْوَاقِفُ بِعَيْنِهِ الْمُقَاسِمُ لِنِصْفِ الْوَقْفِ فَكَانَ مُطَالَبًا وَمُطَالِبًا، وَهُوَ لَا يَجُوزُ فَيُرْفَعُ أَمْرُهُ إلَى الْقَاضِي لِيُقَاسِمَهُ، أَوْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ الْبَاقِيَ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ يُقَاسِمَ الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ فِي الْقِسْمَةِ فَضْلُ دَرَاهِمَ بِأَنْ كَانَ أَحَدُ النَّصِيبَيْنِ أَجْوَدَ فَدَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى إدْخَالِ الدَّرَاهِمِ فِي الْقِسْمَةِ أَوْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ إدْخَالَ الدَّرَاهِمِ فِي الْقِسْمَةِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ بِالتَّرَاضِي عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ يَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ أَوْ يُعْطِيهَا، فَإِنْ كَانَ