وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: الْقِيَاسُ قَدْ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ كَمَا فِي الِاسْتِصْنَاعِ، وَقَدْ وُجِدَ التَّعَامُلُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَعَنْ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى أَنَّهُ وَقَفَ كُتُبَهُ إلْحَاقًا لَهَا بِالْمَصَاحِفِ، وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُمْسَكُ لِلدِّينِ تَعْلِيمًا وَتَعَلُّمًا وَقِرَاءَةً، وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا وَقْفُهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: كُلُّ مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ يَجُوزُ وَقْفُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، فَأَشْبَهَ الْعَقَارَ وَالْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ. وَلَنَا أَنَّ الْوَقْفَ فِيهِ لَا يَتَأَبَّدُ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَصَارَ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، بِخِلَافِ الْعَقَارِ، وَلَا مُعَارِضَ مِنْ حَيْثُ السَّمْعُ وَلَا مِنْ حَيْثُ التَّعَامُلُ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمَرَاجِلُ: قُدُورُ النُّحَاسِ. وَقَوْلُهُ (إلْحَاقًا لَهَا بِالْمَصَاحِفِ) يَعْنِي أَنَّ وَقْفَ الْمَصَاحِفِ صَحِيحٌ، فَكَذَا الْكُتُبُ. ذَكَرَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي وَقْفِ الْكُتُبِ جَوَّزَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَقَوْلُهُ (كُلُّ مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ) احْتِرَازٌ عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَإِنَّ الِانْتِفَاعَ الَّذِي خُلِقَتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لِأَجْلِهِ وَهُوَ الثَّمَنِيَّةُ لَا يُمْكِنُ بِهِمَا مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ فِي مِلْكِهِ. وَقَوْلُهُ (وَيَجُوزُ بَيْعُهُ) احْتِرَازٌ عَنْ حَمْلِ النَّاقَةِ وَالْجَارِيَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَكَذَا وَقْفُهُ عِنْدَهُ أَيْضًا. وَلَنَا أَنَّ الْوَقْفَ فِي الْمَنْقُولِ لَا يَتَأَبَّدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَا لَا يَتَأَبَّدُ لَا يَجُوزُ وَقْفُهُ لِأَنَّ التَّأْبِيدَ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَصَارَتْ الْمَنْقُولَاتُ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ. وَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ الْعَقَارِ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِبَارِهِ بِالْعَقَارِ. وَقَوْلُهُ (وَلَا مُعَارِضَ مِنْ حَيْثُ السَّمْعُ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ فَأَشْبَهَ الْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يَجُوزَ وَقْفُ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ أَيْضًا كَالدَّرَاهِمِ، إلَّا أَنَّا تَرَكْنَاهُ بِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ مِنْ حَيْثُ السَّمْعُ.

وَقَوْلُهُ (وَلَا مِنْ حَيْثُ التَّعَامُلُ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ تَرْكُ الْأَصْلِ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ بِمُعَارِضٍ مِنْ حَيْثُ السَّمْعُ وَهُوَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي الْمَرَاجِلِ وَالْقَدُومِ وَغَيْرِهِمَا، فَلْتَكُنْ صُورَةُ النِّزَاعِ مَقِيسَةً عَلَى ذَلِكَ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ لَهُمَا مُعَارِضًا مِنْ حَيْثُ التَّعَامُلُ وَلَيْسَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015