قَالَ: وَلَا يَتِمُّ الْوَقْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ حَتَّى يَجْعَلَ آخِرَهُ بِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا سَمَّى فِيهِ جِهَةً تَنْقَطِعُ جَازَ وَصَارَ بَعْدَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ. لَهُمَا أَنَّ مُوجَبَ الْوَقْفِ زَوَالُ الْمِلْكِ بِدُونِ التَّمْلِيكِ وَأَنَّهُ يَتَأَبَّدُ كَالْعِتْقِ، فَإِذَا كَانَتْ الْجِهَةُ يُتَوَهَّمُ انْقِطَاعُهَا لَا يَتَوَفَّرُ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ، فَلِهَذَا كَانَ التَّوْقِيتُ مُبْطِلًا لَهُ كَالتَّوْقِيتِ فِي الْبَيْعِ. وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُوَفَّرٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّ التَّقَرُّبَ تَارَةً يَكُونُ فِي الصَّرْفِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُهَايَأَةِ، وَالْمُهَايَأَةُ فِيهِمَا فِي غَايَةِ الْقُبْحِ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَالَ (وَلَا يَتِمُّ الْوَقْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ حَتَّى يَجْعَلَ آخِرَهُ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ) مِثْلُ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُمَا وُجِدُوا مَثَلًا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا سَمَّى جِهَةً تَنْقَطِعُ مِثْلُ أَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ جَازَ وَصَارَ بَعْدَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ. لَهُمَا أَنَّ مُوجَبَ الْوَقْفِ زَوَالُ الْمِلْكِ بِدُونِ التَّمْلِيكِ: يَعْنِي لَا إلَى مَالِكٍ، وَكُلُّ مَا كَانَ زَوَالَ الْمِلْكِ بِدُونِ التَّمْلِيكِ فَإِنَّهُ يَتَأَبَّدُ كَالْعِتْقِ فَمُوجَبُ الْوَقْفِ يَتَأَبَّدُ، وَإِذَا كَانَتْ الْجِهَةُ يُتَوَهَّمُ انْقِطَاعُهَا لَا يَتَوَفَّرُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْوَقْفِ مُقْتَضَاهُ، وَلِهَذَا كَانَ التَّوْقِيتُ مُبْطِلًا لَهُ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُوجَبَهُ كَالتَّوْقِيتِ فِي الْبَيْعِ. قِيلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَنَاقُضٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّ الْوَقْفَ عِنْدَهُ حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ فَكَانَ مُوجَبُهُ عَدَمَ زَوَالِ الْمِلْكِ عَنْ الْوَاقِفِ، ثُمَّ قَالَ هُنَا: مُوجَبُهُ زَوَالُ الْمِلْكِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أُخْرَى، فَيَكُونُ عَنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ.

وَقِيلَ أَرَادَ هَاهُنَا مَا إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ فَحِينَئِذٍ يَخْرُجُ الْوَقْفُ عَنْ مِلْكِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015