(وَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ، وَمَا اصْطَادَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ احْتَطَبَهُ فَهُوَ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ) ، وَعَلَى هَذَا الِاشْتِرَاكُ فِي أَخْذِ كُلِّ شَيْءٍ مُبَاحً؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ مُتَضَمِّنَةٌ مَعْنَى الْوَكَالَةِ، وَالتَّوْكِيلُ فِي أَخْذِ الْمَالِ الْمُبَاحِ بَاطِلٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ الضَّمَانَ بِقَدْرِ الْعَمَلِ، فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ. وَقِيلَ هُوَ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ لِأَنَّ جِنْسَ الْمَالِ مُتَّفِقٌ إلَخْ. وَتَقْرِيرُ كَلَامِهِ: اسْتِحْقَاقُ الرِّبْحِ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ بِالضَّمَانِ وَالضَّمَانُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ فِي الْمُشْتَرَى فَكَانَ الرِّبْحُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ فَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ إلَّا فِي الْمُضَارَبَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِيهَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ وُجُوهِ مُقَابَلَتِهِ بِالْمَالِ وَالْعَمَلِ وَالْوُجُوهِ: أَيْ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ لَيْسَتْ فِي مَعْنَاهَا لِأَنَّ الْمَالَ فِيهَا مَضْمُونٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ، وَأَمَّا الْمَالُ فِي الْمُضَارَبَةِ فَلَيْسَ بِمَضْمُونٍ عَلَى الْمُضَارِبِ وَلَا الْعَمَلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، بِخِلَافِ الْعِنَانِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ فِي مَالِ صَاحِبِهِ كَالْمُضَارِبِ يَعْمَلُ فِي مَالِ رَبِّ الْمَالِ فَيُلْحَقُ بِهَا. قِيلَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ لَوْ جَازَ فِي الْعِنَانِ لِشُبْهَةِ الْمُضَارَبَةِ لَصَحَّتْ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ فِي الْعِنَانِ لِأَنَّ الْعِنَانَ مُشَبَّهٌ بِالْمُضَارَبَةِ فَكَانَ عِلَّةُ تَجْوِيزِ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ مَوْجُودَةً، لَكِنْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعِنَانَ بِالْعُرُوضِ لَوْ كَانَ مُؤَدِّيًا إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ فَقَطْ لَاغْتَفَرْنَاهُ، وَلَكِنْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ جَهَالَةُ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ، وَلَيْسَ فِي الْمُضَارَبَةِ مَا يَقْتَضِي اعْتِقَادَهُ حَتَّى يُلْحَقَ بِهِ، وَهَذَا الْجَوَابُ يَنْزِعُ إلَى تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ: فَإِمَّا أَنْ يَلْتَزِمَ مَسَاغَهُ. أَوْ يُصَارَ إلَى مُخَلِّصِهِ الْمَعْلُومِ فِي الْأُصُولِ.
[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ]
وَجْهُ فَصْلِ الْفَاسِدِ عَنْ الصَّحِيحِ وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ.