قَالَ (وَيُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ مِنْ مَالِهِ) وَلَيْسَ هَذَا الْحُكْمُ مَقْصُورًا عَلَى الْأَوْلَادِ بَلْ يَعُمُّ جَمِيعَ قَرَابَةِ الْوِلَادِ.
وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فِي مَالِهِ حَالَ حَضْرَتِهِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ غَيْبَتِهِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ حِينَئِذٍ يَكُونُ إعَانَةً، وَكُلُّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا فِي حَضْرَتِهِ إلَّا بِالْقَضَاءِ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فِي غَيْبَتِهِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ تَجِبُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ مُمْتَنِعٌ، فَمِنْ الْأَوَّلِ الْأَوْلَادُ الصِّغَارُ وَالْإِنَاثُ مِنْ الْكِبَارِ وَالزَّمِنِيُّ مِنْ الذُّكُورِ الْكِبَارِ، وَمِنْ الثَّانِي الْأَخُ وَالْأُخْتُ وَالْخَالُ وَالْخَالَةُ. وَقَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ مُرَادُهُ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْمَطْعُومِ وَالْمَلْبُوسِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي مَالِهِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ وَهِيَ النَّقْدَانِ وَالتِّبْرُ بِمَنْزِلَتِهِمَا فِي هَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ قِيمَةً كَالْمَضْرُوبِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَتْ وَدِيعَةً أَوْ دَيْنًا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمَا إذَا كَانَ الْمُودِعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَمِنْ الثَّانِي الْأَخُ وَالْأُخْتُ) إنَّمَا كَانَ مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهَا نَفَقَةُ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ (وَهِيَ مُجْتَهَدٌ فِيهَا فَلَا تَجِبُ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا) وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ الْأَخْذُ بِدُونِ الْقَضَاءِ وَالرِّضَا.
وَقَوْلُهُ (فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) يَعْنِي الْمَلْبُوسَ وَالْمَطْعُومَ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ إنْفَاقِ الْقَاضِي عَلَيْهِمْ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْقَاضِي)