قَالَ (فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَرَّفَهَا أَيَّامًا، وَإِنْ كَانَتْ عَشْرَةً فَصَاعِدًا عَرَّفَهَا حَوْلًا) قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ: وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَوْلُهُ أَيَّامًا مَعْنَاهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى. وَقَدَّرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ بِالْحَوْلِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ الْتَقَطَ شَيْئًا فَلْيُعَرِّفْهُ سَنَةً مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ» .
وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْحَوْلِ وَرَدَ فِي لُقَطَةٍ كَانَتْ مِائَةَ دِينَارٍ تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَالْعَشَرَةُ وَمَا فَوْقَهَا فِي مَعْنَى الْأَلْفِ فِي تَعَلُّقِ الْقَطْعِ بِهِ فِي السَّرِقَةِ وَتَعَلُّقِ اسْتِحْلَالِ الْفَرْجِ بِهِ وَلَيْسَتْ فِي مَعْنَاهَا فِي حَقِّ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ، فَأَوْجَبْنَا التَّعْرِيفَ بِالْحَوْلِ احْتِيَاطًا، وَمَا دُونَ الْعَشَرَةِ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْأَلْفِ بِوَجْهٍ مَا فَفَوَّضْنَا إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ، فَإِنَّ الطَّحَاوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: وَإِذَا الْتَقَطَ لُقَطَةً فَإِنَّهُ يُعَرِّفُهَا سَنَةً سَوَاءٌ كَانَ الشَّيْءُ نَفِيسًا أَوْ خَسِيسًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (وَقَوْلُهُ كَانَتْ مِائَةَ دِينَارٍ تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ) يُرِيدُ مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الصَّحِيحِ مُسْنَدًا إلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَخَذْت صُرَّةً مِائَةَ دِينَارٍ، فَأَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا، فَعَرَّفْتهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَيْته ثَانِيًا فَقَالَ عَرِّفْهَا حَوْلًا، فَعَرَّفْتهَا فَلَمْ أَجِدْ، ثُمَّ أَتَيْته ثَالِثًا فَقَالَ: احْفَظْ وِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَدَدَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا» . وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ. وَأَقُولُ: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ