لِأَنَّ الْأَخْذَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الْوَاجِبُ إذَا خَافَ الضَّيَاعَ عَلَى مَا قَالُوا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إذَا تَصَادَقَا أَنَّهُ أَخَذَهَا لِلْمَالِكِ لِأَنَّ تَصَادُقَهُمَا حُجَّةٌ فِي حَقِّهِمَا فَصَارَ كَالْبَيِّنَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبِغَيْرِ إذْنِ الشَّرْعِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْآخِذُ أَخَذْته لِلْمَالِكِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَضْمَنُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ لِاخْتِيَارِهِ الْحِسْبَةَ دُونَ الْمَعْصِيَةِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ حَرَامٌ شَرْعًا وَعَنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ أَخْذُهُ جَائِزٌ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ لِأَنَّ صَاحِبَهَا إنَّمَا يَطْلُبُهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي سَقَطَتْ مِنْهُ، فَإِذَا تَرَكَهَا وَجَدَهَا صَاحِبُهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْوَاجِبُ إذَا خَافَ الضَّيَاعَ عَلَى مَا قَالُوا) وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللُّقَطَةَ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ عَلَى نَوْعَيْنِ: مَا يَكُونُ أَخْذُهُ وَاجِبًا وَهُوَ مَا إذَا خَافَ الضَّيَاعَ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] وَإِذَا كَانَ وَلِيًّا وَجَبَ عَلَيْهِ حِفْظُ مَالِهِ، وَبِأَنَّ حُرْمَةَ مَالِ الْمُسْلِمِ كَحُرْمَةِ مَالِهِ، فَإِذَا خَافَ عَلَى مَالِهِ الضَّيَاعَ وَجَبَ حِفْظُهُ، فَكَذَلِكَ إذَا خَافَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ وَمَا لَا يَكُونُ أَخْذُهُ وَاجِبًا، وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ الضَّيَاعَ فَقِيلَ رَفْعُهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَلِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا يَدٌ خَائِنَةٌ فَتَمْنَعَهَا عَنْ مَالِكِهَا. وَقِيلَ تَرْكُهُ أَفْضَلُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ صَاحِبَهَا إنَّمَا يَطْلُبُهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي سَقَطَتْ مِنْهُ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ إذَا كَانَ أَخْذُهَا مَأْذُونًا فِيهِ شَرْعًا (لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ) كَذَا وَكَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ إذَا تَصَادَقَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُ وَإِذَا أَشْهَدَ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا إلَخْ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ وَإِذَا كَانَتْ أَمَانَةً لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا تَصَادَقَ الْمُلْتَقِطُ وَالْمَالِكُ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِلْمَالِكِ لِأَنَّ تَصَادُقَهُمَا حُجَّةٌ فِي حَقِّهِمَا وَصَارَ كَمَا إذَا أَقَامَ الْمُلْتَقِطُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِيُوَصِّلَهَا إلَى الْمَالِكِ (وَلَوْ أَقَرَّ) الْمُلْتَقِطُ (أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ أَخْذُ مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبِغَيْرِ إذْنِ الشَّرْعِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْآخِذُ أَخَذْتهَا لِلْمَالِكِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَضْمَنُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَمَّا عَدَمُ الضَّمَانِ فَلِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ لِاخْتِيَارِهِ الْحِسْبَةَ دُونَ الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّ فِعْلَ