(وَمَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا خَطَأً لَا وَلِيَّ لَهُ أَوْ قَتَلَ حَرْبِيًّا دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِلْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ) ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا مَعْصُومَةً خَطَأً فَتُعْتَبَرُ بِسَائِرِ النُّفُوسِ الْمَعْصُومَةِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ لِلْإِمَامِ أَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ (وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ) ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ مَعْصُومَةٌ، وَالْقَتْلَ عَمْدٌ، وَالْوَلِيَّ مَعْلُومٌ وَهُوَ الْعَامَّةُ أَوْ السُّلْطَانُ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ مَعْنَاهُ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ وَهُوَ الْقَوَدُ عَيْنًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ أَنْفَعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْقَوَدِ فَلِهَذَا كَانَ لَهُ وِلَايَةُ الصُّلْحِ عَلَى الْمَالِ (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْعَامَّةِ وَوِلَايَتُهُ نَظَرِيَّةٌ وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ إسْقَاطُ حَقِّهِمْ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِقَتْلِهِمَا وَكَوْنُ الْمُسْتَأْمَنِ مِنْ أَهْلِ دَارِهِمْ حُكْمًا لِقَصْدِهِ الِانْتِقَالَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقْصِدُهُ هَرَبًا مِنْ الْقَتْلِ
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا خَطَأً إلَخْ) وَاضِحٌ. وَاعْتُرِضَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الْعَامَّةُ أَوْ السُّلْطَانُ بِأَنَّ التَّرَدُّدَ فِيمَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقِصَاصِ يُوجِبُ سُقُوطَهُ كَمَا فِي الْمُكَاتَبِ إذَا قَتَلَ عَنْ وَفَاءٍ وَلَهُ وَارِثٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِمَامَ هَاهُنَا نَائِبٌ عَنْ الْعَامَّةِ فَصَارَ كَأَنَّ الْوَلِيَّ وَاحِدٌ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ.