بِخِلَافِ حَالَةِ الْمَخْمَصَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْتَنَعُ مَخَافَةَ الضَّمَانِ لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ نَفْسِهِ.
أَمَّا الْجِهَادُ فَمَبْنِيٌّ عَلَى إتْلَافِ النَّفْسِ فَيُمْتَنَعُ حِذَارَ الضَّمَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ حَالَةِ الْمَخْمَصَةِ) جَوَابٌ عَمَّا قَاسَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ، وَقَالَ: إطْلَاقُ الرَّمْيِ لِضَرُورَةِ إقَامَةِ الْجِهَادِ لَا يَنْفِي الضَّمَانَ كَتَنَاوُلِ مَالِ الْغَيْرِ حَالَةَ الْمَخْمَصَةِ يُطْلَقُ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ وَيَجِبُ الضَّمَانُ. وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ الْجَائِعَ يُقَدَّمُ عَلَى التَّنَاوُلِ عِنْدَ دَفْعِ الْخَطَرِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَمَانٌ (لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ نَفْسِهِ) وَهُوَ مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ يَتَحَمَّلُ بِسَبَبِهَا ضَرَرَ الضَّمَانِ (أَمَّا الْجِهَادُ فَمَبْنِيٌّ عَلَى إتْلَافِ النَّفْسِ) أَيْ نَفْسِ سَوَادِ الْكُفَّارِ وَقَدْ يَكُونُ فِيهَا مُسْلِمٌ، فَلَوْ وَجَبَ الضَّمَانُ بِقِتَالِهِمْ لَامْتَنَعُوا عَنْ الْجِهَادِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، كَمَا لَا يَجُوزُ إيجَابُ الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَى الْإِمَامِ فِيمَا إذَا مَاتَ الزَّانِي الْبِكْرُ مِنْ الْجَلْدِ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ الْقَاضِي عَنْ تَقَلُّدِ الْقَضَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْجِهَادَ مَبْنِيٌّ عَلَى إتْلَافِ النَّفْسِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمُجَاهِدَ إمَّا أَنْ يَقْتُلَ وَقَدْ يُصَادِفُ الْمُسْلِمَ أَوْ يُقْتَلَ، فَلَوْ أَلْزَمْنَا الضَّمَانَ امْتَنَعَ عَنْ الْجِهَادِ الْفَرْضِ لِكَوْنِهِ خَاسِرًا فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَضْمَنْ. وَقَوْلُهُ (حِذَارَ الضَّمَانِ) مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ.