لِقَوْلِهِ تَعَالَى {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41] الْآيَةَ. وَقَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: الْجِهَادُ وَاجِبٌ إلَّا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي سَعَةٍ حَتَّى يُحْتَاجَ إلَيْهِمْ، فَأَوَّلُ هَذَا الْكَلَامِ إشَارَةٌ إلَى الْوُجُوبِ عَلَى الْكِفَايَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوقَوْله تَعَالَى {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41] أَيْ رُكْبَانًا وَمُشَاةً أَوْ شُبَّانًا وَشُيُوخًا أَوْ مَهَازِيلَ وَسِمَانًا أَوْ صِحَاحًا وَمِرَاضًا. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41] عَامٌّ فَمَا وَجْهُ تَقْيِيدِهِ بِالنَّفِيرِ الْعَامِّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ رَفْعُ الْحَرَجِ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْرُجُ مَعَ تَخَلُّفِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ اخْتِصَاصُهُ بِالنَّفِيرِ الْعَامِّ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: 10] وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ الْقَاعِدِينَ عَنْ الْجِهَادِ الْحُسْنَى، وَلَوْ كَانَ الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ لَاسْتَحَقَّ الْقَاعِدُ الْوَعِيدَ لَا الْوَعْدَ. ثُمَّ الْجِهَادُ يَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ عِنْدَ النَّفِيرِ الْعَامِّ عَلَى مَنْ يَقْرَبُ مِنْ الْعَدُوِّ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْ وَرَاءَهُمْ فَلَا يَكُونُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ إلَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِمْ، إمَّا لِعَجْزِ الْقَرِيبِ عَنْ الْمُقَاوَمَةِ مَعَ الْعَدُوِّ، وَإِمَّا لِلتَّكَاسُلِ فَحِينَئِذٍ يُفْرَضُ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ إلَى أَنْ يُفْتَرَضَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ شَرْقًا وَغَرْبًا عَلَى هَذَا التَّدْرِيجِ.

وَقَوْلُهُ (فَأَوَّلُ هَذَا الْكَلَامِ إشَارَةٌ إلَى الْوُجُوبِ عَلَى الْكِفَايَةِ) أَرَادَ بِالْأَوَّلِ قَوْلَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْجِهَادُ وَاجِبٌ، إلَّا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي سِعَةٍ، إذْ الِاسْتِثْنَاءُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015