(وَلَا قَطْعَ عَلَى النَّبَّاشِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ: عَلَيْهِ الْقَطْعُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ» وَلِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ مُحْرَزٌ يُحْرَزُ مِثْلُهُ فَيُقْطَعُ فِيهِ. وَلَهُمَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ (وَلَا قَطْعَ عَلَى النَّبَّاشِ) اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي مَسْأَلَةِ النَّبَّاشِ؛ فَقَالَ عُمَرُ وَعَائِشَةُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِوُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَى النَّبَّاشِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَقَدْ اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ مَنْ بَقِيَ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي عَهْدِ مَرْوَانَ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ نَبَّاشًا أَتَى بِهِ مَرْوَانُ. فَسَأَلَ الصَّحَابَةَ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَثْبُتُوا فِيهِ شَيْئًا، فَعَزَّرَهُ أَسْوَاطًا وَلَمْ يَقْطَعْهُ. وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ. وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ (لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَمَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ» وَلِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ مُحْرَزٌ بِحِرْزٍ مِثْلِهِ فَيُقْطَعُ فِيهِ) أَمَّا أَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فَلَا شُبْهَةَ فِيهِ، فَإِنَّ إلْبَاسَ الثَّوْبِ لِلْمَيِّتِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ التَّقَوُّمِ، وَأَمَّا أَنَّهُ مُحْرَزٌ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُضَيِّعٍ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ إذَا كَفَّنَا الصَّبِيَّ مِنْ مَالِهِ لَا يَضْمَنَانِ، وَمَا لَا يَكُونُ مُحْرَزًا يَكُونُ مُضَيَّعًا وَفِيهِ الضَّمَانُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ (بِحِرْزٍ مِثْلِهِ) بِحَرْفِ الْجَرِّ، فَلِمَا بَيَّنَهُ الطَّحَاوِيُّ: حِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِحِرْزِ مِثْلِهِ، حَتَّى أَنَّهُ إذَا سَرَقَ دَابَّةً مِنْ إصْطَبْلٍ يُقْطَعُ، وَلَوْ سَرَقَ لُؤْلُؤَةً مِنْ الْإِصْطَبْلِ لَمْ يُقْطَعْ. وَإِذَا سَرَقَ شَاةً مِنْ الْحَظِيرَةِ يُقْطَعُ، وَلَوْ كَانَ فِيهَا ثَوْبٌ فَسَرَقَهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ الشَّاةَ لَا تُحْرَزُ بِأَحْصَنَ مِنْهَا إذَا كَانَ بَابُهَا بِحَيْثُ يَمْنَعُ إخْرَاجَ الشَّاةِ دُونَ دُخُولِ الْآدَمِيِّ وَإِخْرَاجِ سَائِرِ الْأَمْوَالِ. وَقَوْلُهُ (وَلَهُمَا) أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ